قولُه : (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) : أي : أحسنَ البيان ، والقاصُ الذي يأتي بالقصة مِن فصها يقال : قصصتُ الشيء إذا تَتَبعتُ أثَرَه شيئاً بعد شيء.
ومنه قوله : (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) [القصص : ١١] ، أي : اتبعِي أَثره.
وقوله : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) [الكهف : ٦٤] ، أي : رَجعا مِنَ الطريق الذي سَلكاه فيقصّان الأثر.
قلت : أصل القَصِ : اتِّباع الأثر ، يقال : خرج فلانٌ قَصَصاً في إثر فلانٍ وقصّاً.
وذلك إذا اقتَصَ أثره ، وقيل : للقاصِ يَقُصُ القَصص لاتباعه خبراً بعد خبرٍ وسوقهِ الكلام سوقاً.
وقال أبو زيد : تَقَصَّصْتُ كلام فلان ، أي : حفظته.
وقال الليث : يقال للشَّاةِ : إذا استبان ولدها قد أقصَّتْ فهي مُقِصٌ.
وقال أبو زيد وأبو عبيدة وغيرهما : أقصَّتِ الفرسُ فهي مُقِصٌ إذا حملت ، ولم أسمعه في الشَّاءِ لغير الليث.
ابن الأعرابي : لَقَحتِ الناقة وحملَت الشاةُ وأقصَّتِ الفرسُ إذا استبان حملها.
وقال الليث : القَصْقاصُ نعتٌ من صوت الأسد في لُغةٍ. قال : والقَصْقَاصُ أيضاً نعتٌ للحيَّة الخبيثة.
قال : ولم يجيء بناءٌ على وزن فعلالٍ غيره ، إنما حَدُّ أبنية المضاعف على زِنة فُعْلُل أو فُعلولٍ أو فِعْلِلٍ أو فِعْلِيلٍ مع كل مقصورٍ ممدود مثله ، وجاءت خمس كلمات شواذَّ وهي : ضُلَضِلَةٌ وزَلَزِلَ وقَصْقاصٌ والقَلَنْقَلُ والزِّلزَالُ ، وهو أعمُّها لأن مصدر الرباعي يحتمل أن يُبنى كله على فِعلالٍ وليس بمطردٍ ، وكل نعتٍ رباعيٍّ فإن الشعراء يبتنونه على فُعالِل مثل قُصاقِص ، كقول الشاعر القائل في وصف بيتٍ مصوَّر بأنواع التصاوير :
فيه الغُواةُ مُصَوَّرُو |
ن فحاجلٌ منهم وراقِصْ |
|
والفيلُ يرتكبُ الرّاد |
ف عليه والأسد القُصاقِصْ |
قال : وقُصاقِصَةُ موضعٌ ورجلٌ قَصْقَصَةٌ وقُصاقِصٌ إذا كان قصيراً ، رواه أبو عبيد عن أصحابه.
وقال الأصمعي : إذا كان في الرَّجل قِصرٌ وغلظٌ مع شدة فهو قُصْقُصَةٌ وقُصاقِصٌ.
وأما ما قاله الليث في القَصْقَاص بمعنى صوت الأسد ونعت الحيَّة الخبيثة فإني لم أجده لغير الليث وهو شاذٌّ إن صحَّ.
وقال الأصمعي : يقال للزَّامِلةِ الضعيفة : قَصِيصَةٌ.
أبو عبيد عن أبي زيد : أقَصَّتْهُ شَعوب إقصاصاً ، إذا أشرف عليها ثم نجا.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) ،