قال الله جل وعزّ : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ) [آل عمران : ١١٣] ، إنما هو من المواظبة على الدِّين والقيام به.
وقال جل وعزّ : (لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران : ٧٥].
قال مجاهد : مواظباً. ومنه قيل في الكلام للخليفة : هو القائم بالأمر. وكذلك فلانٌ قائم بكذا وكذا ، إذا كان حافظاً له مستمسكاً به.
قال أبو عبيد : وفي الحديث أنّه لما قال له : «أبايُعك ألَّا أخِرَّ إلّا قائماً» ، قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمَّا مِن قِبَلِنا فلستَ تَخِرّ إلّا قائماً» ، أي : لسنا ندعوك ولا نبايُعك إلَّا قائماً ، أي : على الحق.
وروي عن الفراء قال : القائم : المستمسك بدينه. ثم ذكر هذا الحديث.
وقال في قول الله : (أُمَّةٌ قائِمَةٌ) ، أي : مستمسكة بدينها.
وقول الله جل وعزّ : (ديناً قيّماً).
قال أبو إسحاق : القيِّم ، هو المستقيم ؛ وقرئت : قِيَماً [الأنعام : ١٦١].
والقِيَم مصدر كالصِّغَر والكبر ، إلا أنه لم يُقَل قِوَم مثل قوله : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) [الكهف : ١٠٨] ، لأنَ قِيَماً من قولك : قام قِيَماً ، وقام كان في الأصل قَوَمَ أو قَوُمَ فصار قام ، فاعتلّ قِيَم.
فأَمَّا حِوَل فهو على أنه جارِ على غير فِعْل.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : ٥].
قال أبو العباس والمبرِّد : هاهنا مضمَر ، أراد ذلك دِين المِلَّة القيّمة ، فهو نعت مضمَرٍ محذوف.
وقال الفراء : هذا ممَّا أضيف إلى نفسه ، لاختلاف لفظيه.
قلتُ : والقول ما قالا.
ثعلب عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : القَيّوم والقَيّام والمدبِّر واحد.
وقال أبو إسحاق : (الْقَيُّومُ) والقَيّام في صفة الله : القائمُ بتدبيرِ أمر خلقِه في إنشائهم ورِزقهم وعِلمِه بأمكنتهم.
قال الله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) [هود : ٦].
وقال الفراء : صُورة القَيُّوم مِن الفِعل الفَيْعول ، وصورة القَيَّام الفَيْعال ، وهما جميعاً مَدْح.
قال : وأهل الحجاز أكثر شيءٍ قَوْلاً للفَيْعال مِن ذوات الثلاثة ، مِثل الصَّوَّاغ ، يقولون الصَّيّاغ.
وقال مجاهد : (الْقَيُّومُ) : القائم على كلِّ شيء.
وقال قتادة : (الْقَيُّومُ) : القائم على خَلْقه