دفق : قال الله جلّ وعزّ : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].
قال الفراء : معنى دافِقٍ : مدفوق. قال : وأهل الحجار. أفعَلُ لهذا من غيرهم : أن يجعلوا المفعول فاعلاً إذا كان في مذهبِ نَعْتٍ ، كقول العرب : هذا سرٌّ كاتم ، وهَمٌّ ناصب ولَيْلٌ نائم. قال : وأعانَ على ذلك أنَّها وافقتْ رؤوس الآيات التي هي معهنّ.
وقال الزجاج : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) معناه : من ماءٍ ذي دَفْق ، وهو مذهب سيبويه والخليل. وكذلك سرٌّ كاتم : ذو كتمان.
وقال أبو الهيثم نحواً منه.
وقال الليث : يقال : دَفَق الماء دُفوقاً ودَفْقاً : إذا انصبَّ بمرَّة. واندفَقَ الكُوز : إذا دَفَقَ ماؤه. فيقال في الطّيَرة عند انصباب الكُوز ونحوِه : «دافِقُ خَيُر». وقد أدفقْتُ الكُوزَ : إذا كَدَرت ما فيه بمرّة.
قلت : الدَفْق في كلام العرب صَبُّ الماء ، وهو مجاوِزٌ ، يقال : دفقتُ الكُوزَ فاندفق ، وهو مدفوق. ولم أسمَعْ دفقْتُ الماءَ فدَفق لغير الليث ، وأحسبه ذهب إلى قول الله : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].
وهذا جائزٌ في النعوت : ومعنى دافِقٍ ذي دفْق ، كما قال الخليل وسيبويه.
وقال الليث : ناقة دِفاقٌ ، وهي المتدفِّقة في سَيرها مُسْرِعة ؛ وقد يقال : جَمَلٌ دِفَاق ، وناقة دَفْقاء وجَمل أدفَق ، وهو شدّة بينونة المِرفَق عن الجَنْبين وأنشد :
بعَنْتَريسٍ نَرَى في زَوْرِها دَسَعاً |
وفي المَرافق عن حَيْزُومها دَفَقا |
وقال ابن دريد : يقال : دَفَق الله رُوحَه : إذا دعا عليه بالموت.
وسار القومُ سيراً أدفَقَ ، أي : سريعاً.
ويقال : فلان يتدفَق في الباطل تدفُّقاً : إذا كان يسارع إليه ، قال الأعشى :
فما أنا عما تَصنَعون بغافلٍ |
ولا بسفِيهٍ حِلْمُه يتدفّقُ |
وقال ابن الأنباري : هو يمشي الدِفِقىَ ، وهي مشية يتدفق فيها ويسرع. وأنشد :
يمشي العُجَيْلَى من مخافةِ شدقمٍ |
يمشي الدِّفقيِ والخنِيفَ ويصبرُ |
ويقال : هلالٌ أدفقُ : إذا رأيته مرقوناً أعقَفَ ولا تَراه مستلقياً قد ارتفعَ طرفاه.
وقال ابن الأعرابيّ : رجل أدفَقُ : إذا انحنى صُلبه من كِبرٍ أو غَمّ. وأنشد المفضَّل :
وابن مِلاطٍ متجافٍ أدفَقُ
وقال أبو مالك : هلال أدفَقُ خيرٌ من هلالٍ حاقن.
قال : والأدفَق : الأعوج. والحاقن : الذي يرتفعَ طرفَاه ويستلقي ظهرُه.
وفي «النوادر» : هلالٌ أدفق ، أي : مستوٍ أبيض ليس بمنتكِثٍ على أحد طرفيه.