وقال الزّجاج : في قوله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٢] ، و (كِسْفاً) ، فمن قرأ كِسَفاً جعلها جمعَ كِسْفة ، وهي القِطعة. ومن قرأ : كِسْفاً قال : أو تُسْقِطها طَبَقاً علينا ، واشتقاقُه من كسفْت الشيءَ إذا غطَّيتَه.
(الحراني عن ابن السكيت) قال : ويقال : كسَفَ أَمَلُه ، فهو كاسفٌ إِذا انقطع رجاؤه مما كان يأْمُل ولم يَنبسِطْ.
قال أبو الفضل : وسألْتُ أبا الهيثم عن قولهم : كسفتُ الثوبَ أي قطَعته. فقال : كلُّ شيءٍ قطعته فقد كسفتَه.
قال ، ويقال : كَسفَتِ الشمسُ إِذا ذهب ضوءُها ، وكسَف القمر إِذا ذهب ضوءُه ، وكسَف الرَّجلُ إِذا نَكَسَ طرْفَه ، وكسفَت حالُه إِذا تغيرَتْ.
قال : وكسَفت الشمسُ وخسَفَت بمعنىً واحد.
وقال شمرٌ : قال أبو زيد : كسفَت الشمسُ تَكسِفُ كسوفاً إِذا اسْودَّت بالنهار ، وكسفَت الشمسُ النُّجومَ إذا غَلَبَ ضوءُها النجومَ فلم يَبْدُ منها شيءٌ ، والشمسُ حينئذ كاسِفَةٌ للنجوم.
قال جريرٌ :
فالشمسُ طَالعةٌ ليست بكاسفةٍ |
تَبْكِي عليكَ نجومَ الليل والقَمرا |
قال. ومعناه أنها طالعةٌ تبكي عليك ولمْ تَكْسف النجومَ ولا القمرَ لأنها في طلوعها خاشعةٌ لا نُورَ لها.
قال : وتقول : خَشَعَت الشمس وكسَفَتْ وَخسَفَتْ بمعنىً واحد. ورواه الليث :
الشمسُ كاسفةٌ ليستْ بِطَالعةٍ |
تَبْكي عليكَ نجومَ الليل والقمرا |
وقال : أراد ما طلعَ نجْمٌ وما طلع القمر ، ثم صَرفه فنصَبَه ، وهذا كما تقول : لا آتيك مَطْرَ السماءِ : أي ما مَطَرتْ السماء ، وطلوعَ الشمس أي ما طلَعَت الشمسُ ، ثم صرَفْته فنصَبَتْه.
قال شمر : سمعت ابن الأعرابيّ يقول في قوله : تَبكي عليكَ نجومَ الليل والقمرا أي ما دامتِ النجومُ والقمر. وحُكِيَ عن الكسائي مِثلُهُ.
قال : وقلت للفراء : إنهم يقولون فيه : إنه على معنى المُغالبة : باكَيْتُه فبكَيتُه ، فالشمس تغلبُ النجومَ بكاءً فقالَ : إنَّ هذا الوجه حَسَنٌ ، فقلتُ : ما هذا بحَسَن ولا قريبٍ منه.
وقال الليث : رجلٌ كاسِفُ الوجه : عابسٌ من سوء الحال. يقال : عَبَسَ في وجْهِي وكَسَف كسوفاً.
(عمرو عن أبيه) : يقال لِخرَق القميص قبل أن يُؤَلَّفَ : الكِسَف والكِيَف والخِدَف واحدتُها كِسْفةٌ وكِيفَةٌ وخِدْفةٌ.