في قُرْبِ الله وجواره ، قال والجَنْبُ : معظمُ الشيء وأكثرُه ، ومنه قولهم : هذا قليل في جَنْبِ مودَّتك.
وقال ابن الأعرابيّ في قوله : (فِي جَنْبِ اللهِ) : في قُرْب الله ، من الْجَنَبَةِ.
وقال الزّجاج : معناه عَلَى ما فَرَّطَتْ في الطريق الذي هو طريقُ الله الذي دَعاني إليه ، وهو توحيدُ الله ، والإقرار بنبوَّةِ رسوله صلىاللهعليهوسلم.
وقال سعيد بن جُبَير في قوله : (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) هو الرَّفيق في السَّفر ، (وَابْنِ السَّبِيلِ) [النساء : ٣٦] : الضَّيْف ، وهو قولُ عِكْرِمة ومُجاهد وقتادة.
ويقال : اتَّقِ الله في جَنْب أَخيكَ ، ولا تَقْدَح في شأنه ، وأنشد الليث :
* خلِيلَيَّ كُفَّا واذكرا الله في جنْبِيْ *
أي في الوَقِيعَةِ فيَّ.
وقال أبو إسحاق في قوله جلّ وعزّ : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة : ٦].
يقال للواحد : رجُلٌ جُنُبٌ ، وامرأةٌ جُنُب ، ورجلان جُنُبٌ ، وقَوْمٌ جُنُبٌ ، كما يقال : رجلٌ رِضاً ، وقومٌ رِضاً ، وإنما هو على تأويل ذوِي جُنب ، فالمصْدَرُ يقومُ مقام ما أُضيف إليه. ومن العرب من يُثَنِّي ويجمع ويجعل المصدر بمنزله اسمِ الفاعل ، وإذا جُمعَ جُنُب قيل في الرّجال : جُنُبُون ، وفي النساء : جُنُبَات ، وللاثنين : جُنُبَان.
سلمة عن الفرّاء : يقال من الجنَابة أَجْنَبَ الرجل وجنِب ، وجنَّب ، وتَجَنَّب.
شمر : قال الفراء : أجنبت المرأةُ الرّجلَ إذا ألْزَمهَا الجنابة ، وكذلك كلُّ شيء يُجْنِب شيئاً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَجْنَبَ : تَبَاعَدَ.
وروي عن ابن عباس ، أنه قال : الإنسان لا يُجْنب ، والثَّوْبُ لا يُجنب ، والماء لا يُجنب ، والأرض لا تُجنب ، وتفسيره : أنَ الجُنُب إذا مَسَّ رَجُلاً لا يُجْنِب ، أي لم يَنجُسَ بمُماسة الجُنب إياه ، وكذلك الثَّوْبُ إذا لَبِسَه الْجُنب لم يَنجس ، والأرض إذا أَفضى إليها الجُنُب لم تَنجس ، والماء إذا غَمَس الجُنُب فيه يده لم يَنجس.
وقيل للجُنُب : جُنُب ، لأنه نُهِيَ أن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاة ما لم يتطَهَّر فتجنَّبها وَأَجنب عنها ، أي بَعُدَ.
وفي الحديث : «لا جَنَبَ ، ولا جلب».
وهذا في سِباق الخيل والجَنبُ : أن يَجْنبُ فَرساً عُرْياً إلى فَرسه الذي يُسابق عليه ؛ فإذا فَتَرَ المركوبُ تَحوَّل على المجْنوبُ.
وقد مرَّ تفسير قوله : «لا جَلَب» في الباب قبله.
وأخبرني المنذريّ عن الشّيخيّ عن الرياشيّ في تفسير قوله «لا جَنب». قال : الجَنبُ أن يكون الفرسُ قد أعْيا فيؤتى