ويقال للرّجل إذا خاف شيئاً فخَرِق في الأرض جُبْناً : قد ضَرَب بذَقَنه الأرض.
وقال الرّاعي يصف غِرْباناً ، خافتْ صَقْراً :
ضَواربُ بالأَذقان مِن ذي شَكِيمَةٍ |
إذا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المتوقِّدِ |
أي : مِنْ صَقْر ذي شَكِيمة ، وهو شدّةُ نفسه.
ويقال : رأيتُ ضَرْبَ نِساءٍ ، أي : رأيت نساء. وقال الراعي :
وضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنّ ضارِبٌ |
له ظُلّةٌ في قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيَا |
وقال أبو زيد : يقال : ضَرَبتُ له الأرضَ كلَّها ، أي : طَلَبْته في كلّ الأرض. ويقال : جاءَ فلانٌ يَضرِب ، أي : يُسرع. وقال المُسيّب :
فإنَّ الذي كنتُم تَحذَرونْ |
أَتَتْنَا عيونٌ به تَضرِبُ |
قلتُ : ومِن هذا قولُ عليّ رضياللهعنه حين ذَكَر فِتنةً. وقال : فإذا كان ذلك ضَرَب يَعسوبُ الدِّين بذَنَبه، أي : أَسرَع الذَّهابَ في الأرضِ فراراً من الفِتَن ؛ وأنشَدني بعضُهم :
ولكنْ يُجابُ المستغيثُ وخَيْلُهمْ |
عليها كُمَاةٌ بالمنِيّة تَضرِبُ |
أي : تُسرع. يقال : جاءنا راكبٌ يَضرِب ويُذَبِّب ، أي : يُسرع.
وقال ابنُ السكّيت : يقال للنّاقة إذا كانت مَهزولةً : ما يُرِمُّ فيها مَضرَبْ. يقول : إذا كُسِر قَصَبُها لَم يُصَبْ فيه مُخّ. ويقال : ما لفِلان مَضْرَبُ عَسَلةٍ ، ولا يُعرَف له مَضرِبُ عَسَلةٍ : إذا لم يكن له نَسَبٌ معروف ، ولا يُعرف إعراقُه في نَسَبه.
وقال أبو عبيدة : ضَرَبَ الدهرُ بيننا ، أي : بَعَّد ما بيننا. وقال ذو الرّمة :
فإن تَضرِب الأيّامُ يا مَيَّ بينَنَا |
فلا ناشِرٌ سِرّاً ولا متغيِّرُ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : ضَرْبُ الأَرضِ : البولُ والغائطُ في حُفَرها.
قال : والضارب : المتحرِّك ، والضارِب : الطويل من كلّ شيء ؛ ومنه قوله :
* ورابَعَتْني تحتَ ليلٍ ضارِبِ *
وفي الحديث : النَّهْيُ عن ضَرْبة الغائص، وهو أن يقول الغَائِصُ للتاجر : أغُوص غَوْصَةً فما أخرجتُه فهو لك بكذا ؛ فيتَّفقان على ذلك ، ونَهَى عنه لأنّه غَرَر ، وقولُ الله جلّ وعزّ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) [يس : ١٣]. قال أبو إسحاق : معنى قوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) : اذكر لهم مثلا.
ويقال : عِنْدي من هذا الضَّرْب ، أي : على هذا المِثال. فمعنى : (اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) : مَثِّل لَهُم مَثَلاً.
قال : و «مَثَلاً» منصوبٌ لأنّه مفعولٌ به.
ونَصَب قولَه : «أَصْحابَ الْقَرْيَةِ» لأنّه بَدَلٌ