وقال ابن السكّيت : ريحٌ صرصر ، فيه قولان : يقال : أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ وهو البَرْد ، فأَبدَلوا مكانَ الرّاء الوسطى فاءَ الفعل ، كما قالوا : تَجَفْجَفَ ، وأصلُه تَجَفَّف.
ويقال : هو من صَرِير الباب ومن الصَّرَّة وهو الضَّجَّة.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) [الذاريات : ٢٩].
قال المفسِّرون : في ضَجَّة وصَيْحة ، وقال امرؤ القيس :
* جَواحِرُها في صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ*
وقيل : (فِي صَرَّةٍ) : في جماعة لم تتفرَّق.
وقال ابن السكّيت : يقال : صَرَّ الفرس أذُنَيه ، فإذَا لم يُوقِعوا قالوا : أصَرَّ الفرسُ ، وذلك إذا جمع أذُنَيه وعَزَمَ على الشّدّ.
أبو عُبيد عن الأحمر : كانت مني صِرِّي وأَصِرِّي ، وصِرَّى وأصِرَّى ؛ أي : كانت منّي عزيمةً.
وقال أبو زيد : إنها مِنّي لأَصِرِّي ، أي : لحَقيقة. وأنشد أبو مالك :
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ |
أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي |
أي : حقيقة.
شَمِر عن ابن الأعرابي : علم اللهُ أنها كانت منّي صِرِّي وأصِرَّى ، وصِرِّي وأصِرِّي ، وقائلها أبو السّمّاك الأسَدي حينَ ضَلَّتْ ناقتُه فقال : اللهمَّ إن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لك صلاةً ، فوجَدَها عن قريب ، فقال : علمَ اللهُ أنها منّي صِرِّي ، أي : عَزْم عليه.
وقال ابن السكّيت : معناه : أنها عزيمة محتومةٌ.
قال : وهي مشتقّة من أصررتُ على الشيء : إذا أقمتَ ودمتَ عليه ، ومنه قوله تعالى : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران : ١٢٥].
وأخبرَني المنذريّ عن أبي الهيثم قال : أصِرِّي ، أي : اعْزِمي ، وكأنّه يُخَاطِب نفسَه ، من قولك : أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً : إذا عَزَم على أن يَمضي فيه ولا يَرجع.
قال : ويقال : كانت هذه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي ، أي : عزيمة ، ثم جُعلت هذه الياءُ ألفاً ، كما قالوا : بأبي أنتَ ، وبِأَبَا أنْتَ ، وكذلك صِرِّي ، على أن تحذف الألفُ من أصِرّي لا على أنّها لغة صَرَرتُ على الشيء وأصرَرت.
قال : وجاءت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رافعةً لها ، وإنما تُصرّ آذانها : إذا جَدّت في السَّيْر.
وقال الفراء : الأصل في قولهم : كانت منّي صِرِّي وأصِري : أمْرٌ ، فلما أرادوا أن