ولكلِّ من كان في جَوْفه روحٌ حتى قالوا للطَّيْر.
وأنشد شمر :
يا زُفَر القَيْسِيّ ذا الأنْف الأشَمّ |
هَيَّجْتَ من نخلة أمثالَ النَّسَمْ |
قال : النَّسَم : ههنا طيرٌ سِراع خِفافٌ لا يَستبِينُها الإِنسان من خِفَّتها وسرعتها.
قال : وهي فوقَ الخطَاطيف ، غُبرٌ تعلوهنّ خُضْرة.
قال : والنَّسَم كالنَّفَس ، ومنه يقال : ناسمتُ فلانا أي : وجدتُ ريحَه ووَجَدَ رِيحِي ؛ وأنشد :
* لا يأمَننَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ ذو نَسَمِ *
أي : ذو نَفَس.
وقال الليث : النَّسَمُ : نَفْس الرُّوح ، ويقال ما بها ذو نَسم ، أي : ذو رُوح. قال : ونَسيمُ الرِّيح : هبُوبُها.
وقال ابن شميل : النّسِيم من الرِّياح ، أي : الرُّوَيْدُ.
قال : وتَنسَّمتْ ريحها بشيءٍ من نسيمٍ : أي : هبت هُبوبا رُويدا ذات نَسيم ، وهو الرُّوَيْد.
قال أبو عبيد : النّسيم من الرّياح التي تجيء بنَفَس ضَعِيف ، وفي الحديث : «تنكَّبُوا الغُبارَ فإنّ منه تكون النّسَمة»، قيل : النّسَمة ههنا الرَّبْو ، ولا يزال صاحبُ هذه العلَّة يتَنَفّس نَفَسا ضعيفا ، فسمِّيَت العِلَّة نَسَمة لاستراحَتهِ إلى تنفُّسِه.
ويقال : تنسَّمت الريحُ وتنسَّمتُها أنا ، وقال الشاعر :
فإِنَّ الصَّبَا رِيحٌ إذا ما تَنسَّمتْ |
على كِبْدٍ مَحزونٍ تَجَلّتْ هُمومُها |
وإذا تَنسَّم العليل أو المحزون هبوبَ الرّيح الطيبة وجَد لها خَفّا وفَرَحا.
وفي حديثٍ مرفوعٍ إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «بعثتُ في نَسَم الساعة»، وفي تفسيره قولان : أحدُهما : بُعِثتُ في ضَعْف هُبوبها وأوّل أشراطِها وهذا قول ابن الأعرابيّ.
وقال : النَّسِيمُ : أوْل هُبوبِ الرِّيح. وقال غيرُه : معنى قوله : بُعِثْتُ في نَسَم الساعة ، أي : في ذَوِي أرْواح خَلَقهم الله وقتَ اقتراب الساعة ، كأنه قال : في آخِر النَّشء من بني آدم.
وقال ابن الأعرابي : النَّسِيم : العَرَق ، والنَّسْمَةُ : العَرْقة في الحمَام وغيره ، ويُجْمَع النَّسَم بمعنى الخَلْق أناسِم ، يقال : ما في الأناسِم مثلُه. كأنّه جمع النَّسَم أَنْساما ، ثم أناسِمُ جمعُ الجمع.
وفي حديث عَمرو بن العاص وإسلامِه أنّه قال : لقد استقام المنْسِم وإن الرّجلَ لنبيٌ فأسلَم ؛ يقال : قد استقام المنسِم ، أي : تَبَيّنَ الطّريقُ. ويقال : رأيتُ مَنْسِما من الأمر أعرِفُ به وَجْهَه ؛ وقال أوسُ بنُ حَجَرَ :
لَعَمري لقد بيّنْتُ يومَ سُوَيْقَةٍ |
لمن كان ذا رأيٍ بِوجْهَةِ مَنْسِمِ |