خالَطْت الحمرةُ صَغاهُ فهو مُدمَّى ، قال : والأُدمُ من الظباء بيضٌ تعلوهن جُدَدٌ فيهن غُبرةٌ ، فإن كانت خالصةَ البياض فهيَ الآرَامُ.
وأخبرني المنذري عن القاسم بن محمد الأنباري عن أحمد بن عبيد بن ناصح قال : كنا نَأْلَفُ مَجْلسَ أبي أيوب ابن أخت أبي الوزير ، فقال لنا يوما ، وكان ابن السِّكِّيتِ حاضرا : ما تقولُ في الأُدمِ من الظبا؟ فقال : هي البيضُ البُطونِ السُّمْر الظُّهُور يَفْصِلُ بين لَوْن ظهورها وبُطونها جُدَّتان مِسْكيَّتان ، قال : فالتَفَتَ إليّ فقال : ما تقول يا أبا جعفر؟ فقلت : الأُدْمُ على ضَرْبين ، أما التي مَساكِنُها الجبالُ في بلاد قيسٍ فهي على ما وَصَف ، وأَمَّا التي مَساكنُها الرَّملُ في بلاد تَميم فهي الخوالِص البَيَاضِ ، فأنكر يعقوبُ ، واستأذن ابنُ الأعرابيّ على تَفيئَة ذلك ، فقال أبو أيوب : قد جاءكم من يَفصِلُ بينكم ، فدخل فقال له أبو أيوب : يا أبا عبد الله ما تقول في الأُدم من الظِّباء؟ فتكلم كأنما يَنْطِق عن لسان ابن السِّكِّيت ؛ فقلت : يا أبا عبد الله ما تقول في ذي الرُّمة؟ قال : شاعر ، قلتُ : ما تقول في قَصيدته صَيْدَح؟ قال : هو بها أعرف مِنها فأنشدته :
مِن المُؤْلِفاتِ الرملَ أدماءُ حُرَّةٌ |
شُعَاعُ الضُّحَى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُ |
فَسَكَتَ ابن الأعرابيّ ، وقال : هي العرب تقول ما شَاءَتْ.
وقال الزجاج : يقول أهل اللغة : آدَم : اشتقاقه من أَدِيم الأرض لأنه خُلِق من تُراب ، وكذلك الأُدْمَةُ إنما هي مُشَبَّهة بلون التُّراب ، ونحو ذلك قال الليث ، قال : والأَدَمُ جمع الأَدِيم ، قال : وأَدِيمُ كلِّ شيءٍ ظاهرُ جِلْدِه وأَدَمَةُ الأرضِ وجهُها والإدام والأَدْم ما يُؤْتَدم به مع الخبز.
وفي الحديث : «نعم الإدامُ الخَلُّ وطَعَامٌ مأْدُومٌ».
أبو حاتم عن الأصمعيّ : يقال للجلد إهاب والجمع أُهُب وأَهَبٌ مؤنثة. قال : فأما الأَديمُ والأفقُ فمذكر ، إلا أن يقصد قصد الجلود ، والأدمة. فتقول : هي الأدم والأفق ، يقال : أديم وآدمة في الجمع الأقل على أفعله يقال : ثلاثة آدمةٌ وأربعةُ آدمةٍ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ وهو الّذي قد جَمَع لينا وشِدَّة مع المعرفة بالأمور. قال : وأصلهُ من أَدمةِ الجلد وبَشَرَتِه فالبَشَرة ظاهِرهُ وهي مَنْبِت الشَّعْر والأَدمةُ باطِنُهُ وهو الّذي يَلِي اللحم ، قال : فالذي يُراد منه أنه قد جمع لِينَ الأدَمَةِ وخُشونَة البَشَرة وجَرَّبَ الأمور ونحو ذلك. قال أبو زيد.