وقَضيتَه ، وتقول : لا يَتأَدى عبدٌ إلى الله من حقوقه كما يجب ، ويقول الرجل : ما أَدرِي كيف أَتَأَدَّى إليكَ من حَق ما أوليتني ، أبو عُبيد عن الأصمعيّ : آدى الرجلَ فهو مُؤْد إذا كان شاكَّ السلاح ، وهو من الأداة. وقال الأسود بن يعفر :
ما بَعْدَ زيْدٍ في فتاةٍ فُرّقوا |
قَتْلا وَسَبيا بَعد حُسْن تآدي |
أي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة ، وقد تآدى القوم إذا أخذوا العُدة التي تُقوّيهم على الدَّهر ، وغيره ، وأهل الحجاز يقولون : استَأدَيتُ السّلطان على فلان ، أي استَعْدَيْتُ فآداني عليه أي أَعْداني وأعاننِي ، ويقال : تآدَى القوم تآدِيا وتَعَادَوْا تعادِيا إذا تتابعوا مَوتا ، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أي قليلة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الأديّة تقدير عِدَّةٍ من الإبل القليلة العدد.
ابن بزرج : هل تآديتم لذلك الأمر؟ أي هل تأهبتم له؟
قلت : مأخوذ من الأداة.
وقال الليث : يقال أدَّى فلانٌ ما عليه أدَاءً وتأْدِيةً.
قال وتقول : فلان آدَى للأمانة من فلان ، والعامةُ قد لَهِجُوا بالخطأ فقالوا : فلان أدَّى للأمانة ، وهو لَحْن غير جائز.
قلت أنا : وما علمت أحدا من النحويين أجازوا آدى لأنّ أَفْعَلَ في باب التعجب لا يكون إلا في الثلاثيّ ، ولا يقال : آدَى بالتخفيف بمعنى أدَّى بالتشديد ، ووجه الكلام أن يقال : فلانٌ أحسنُ أَداء.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨)) [الدخان : ١٨] فهو من قول موسى لذوي فرعون ، معناه :
سلِّموا إليّ بني إسرائيل كما قال : (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الأعراف : ١٠٥] أي أطلِقهم من عذابك ، وقيل نُصِبَ (عِبادَ اللهِ) ، لأنه نِداء مضاف ، ومعناه أدوا إلى ما أمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم.
قلت : وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون : (أَدُّوا إِلَيَ) بمعنى استمعوا إلىّ كأنه يقول : أدوا إليَّ سمعكم أبلغكم رسالة ربكم ، يدل على هذا المعنى من كلام العرب قول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا :
سَبَعْتَ رِجالا فأهلكتَهم |
فأَدِّ إلى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ |
أراد بقوله : أدِّ إلى بعضهم أي استمع إلى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ منه كأنه قال : آدِّ سَمْعَك إليه لتسمع منه ، كأنه قال : أدِّ سَمْعَكَ إليه.
وقال الليث : ألف الأداة واو ، لأن جمعها أَدوات ، ولكل ذي حرفة أداةٌ وهي آلته التي تُقيم حرفته ، وأداة الحرب