باب الظَّاء والنون
[ظ ن]
ظن : أبو عبيد عن أبي عُبيدة : قال : الظَّن يَقينٌ وشَكٌّ وأنشد :
ظَنِّي بهم كَعَسَى وهم بِتَنُوفَةٍ |
يَتَنَازَعُون جَوَائِزَ الأَمْثَالِ |
يقول : اليَقِينُ منهم كَعسى ، وعسى شَكٌّ.
وقال شمر : قال أبو عمرو : معناه ما يُظَنُ بهم مِن الخَيْرِ فهو واجبٌ ، وَعَسَى من الله واجبٌ.
وقال الله جلّ وعزّ حكاية عن الإنسان : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠)) [الحاقة : ٢٠] أي عَلِمْتُ ، وكذلك قوله : وظنّوا أنّهم قد كذّبوا [يوسف : ١١٠] أي عَلِموا يَعْنِي الرُّسلَ ، أن قومَهم قد كَذَّبوهم فلا يصدِّقونهم ، وهي قراءة ابن عامر وابن كثير ونافع وأبي عمرو ، بالتشديد وبه قَرأَتْ عائشة ، وفسَّرته على ما ذكرناه.
وقال الليث : الظَّنِينُ المعادِي ، والظَّنِينُ المتَّهم الّذي تُظَن به التهمة ومصدرُه الظِّنَّة بالتشديد ، والظَّنون الرجلُ السيِّىءُ الظَّنِ بكل أحد ، والظَّنون الرجلُ القليل الخيرِ.
وأخبرني المنذري عن أبي طالب قال : الظنون المتهم في عقله ، والظنون كل ما لا يُوثق به من ماء وغيره ويقال : عِلْمُه بالشيء ظَنُونٌ إذا لم يُوثق به. وأنشد أبو الهيثم :
كصخرة إذْ تُسَائِلُ في مَرَاحٍ |
وفي حَزْمٍ وعلمَهما ظَنُونٌ |
وقول الله جلّ وعزّ : وما هو على الغيب بظنين) معناه ما هو على ما يُنْبِىءُ عن الله من علم الغيب بمُتَّهمٍ ، وهذا يُروى عن عليٍ.
وقال الفراء ويقال : (ما هو على الغيب بظنين) ما هو بضعيف ، يقول : هو مُحتَمل له.
والعَربُ تقول للرجل الضعيف أو القليل الحيلة : هو ظَنُون.
قال : وسمعت بَعْض قُضاعة يقول : ربما دَلَّك على الرأْي الظَّنُون ، يريد الضعيفَ من الرجال ، فإِن يكن معنى ظَنِين ضعيف فهو كما قيل ماء شَرُبٌ وشَرِيبٌ ، وقَرونِي وقَريني وقَرُونَتِي وقَرِينَتي ، وهي النَّفْسُ والعَزيمةُ.
وقال ابن سيرين ما كان عَلِيٌ يُظَنُ في قَتْل عثمانَ ، وكان الّذي يُظَنُ في قَتْله غيره.
وقال أبو عبيد : قوله يُظَّنُ يَعْنِي يُتَّهم ، وأصله من الظَّن ، إنما هم يُفْتَعَل منه وكان في الأصل : يُظْتَنُّ فَثَقُلَتْ الظَّاءُ مع التاء فَقُلِبتْ ظاءً مُشدَّدةً حين أُدْغِمت ، وأنشد :
وما كُلُّ مَن تِظَنُّني أنا مُعْتِبٌ |
ولا كُلَّ ما يُرْوَى عليَّ أَقُولُ |
ومثله :