وأما تقدمه حكما ، فما كان في الذهن حاضرا حقيقة ، كالسماء والأرض والشمس والقمر نحو : (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ)(١)(حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)(٢) والادعاء وذلك في ضمير الشأن والقصة ، نحو :
(هو قائم) ، وضمير (نعم) و (بئس) نحو : (نعم رجلا زيد) ، وضمير (رب) نحو : (ربّه رجلا) ، وضمير تنازع الفعلين نحو : (ضرباني وضربت الزيدين) (ضربوني وضربت الزيدين) ، وإنما أضمر في هذه من غير تقدم ذكر ، أما ضمير الشأن ، فلأنه إذا قصد التعظيم وأبهم أولا ثم فسرّ ثانيا كان أوقع في النفوس من ذكره مفسرا أولا ، وأما (نعم) و (بئس) و (ربّ) فلأنهم لما قصدوا فيها المدح العام ، والذم العام نسبوه في المتعقل في الذهن ، وأما في التنازع فمسوغه أن إعمال الثاني في معنى إعمال الأول (٣).
قوله : (وهو متصل ومنفصل إلى آخره) يعني أن المضمرات لها تقسيمات باعتبار الاتصال والانفصال ، وهي على ضربين : متصل ومنفصل ، (فالمنفصل هو المستقل) (٤) نحو : (أنا أنت) ، (والمتصل غير المستقل) (٥) نحو : (ضربت وضربك) ، الثاني بحسب إعرابها (إلى مرفوع
__________________
(١) النحل ١٦ / ٦١ ، وتمامها : (لَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ)(ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى.)
(٢) ص ٣٨ / ٣٢ ، وتمامها : (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)). وهي الشمس إذا العشي يدل على تواري الشمس.
(٣) ينظر شرح الرضي ٢ / ٥.
(٤) قال المصنف في شرحه ٦٥ : يعني غير محتاج إلى كلمة أخرى قبله يكون كالتتمة لها بل هو كالظاهر في استقلاله كقولك : أنا وأنت وإياي وإياك إلى آخره.
(٥) ينظر شرح المصنف ٦٥ ، وشرح الرضي ٢ / ٦ ، قال الرضي في ٢ / ٦ : (والمتصل ما يتصل بعامله الذي قبله ويكون كالتتمة لذلك العامل ، وكبعض حروفه ، فالضمائر المستترة في خطاب المذكر أو في الصفات نحو : زيد ضارب والزيدان ضاربان إلى آخر تصاريفها (أي الضمائر) وليس المستتر ما يبرز مثل : (اسكن أنت وزوجك الجنة).