إنها حرف لأن كل اسم له موضع من الإعراب ، وقال الخليل : إنها اسم لأن فيها ماهية الاسم وهي الدلالة على معنى في نفسه غير مقترن ، وذهب الكسائي والفراء وسائر الكوفيين (١) واختاره الإمام يحيى بن حمزة (٢) [إلى](٣) أنه اسم ، وله محل من الإعراب ، وهو تابع لما قبله ، إما بدل ، أو توكيدا أو عطف بيان ، فإن كان ما قبله مرفوعا فلا سؤال ، وإن كان منصوبا فهو مستعار فيه ضمير المنصوب للمرفوع كما في (مررت بك أنت) ، وروي عن الأخفش (٤) ، ورد بأن الاستعارة لا تكون في البدل ، وأن المضمر لا يؤكد به المظهر ، وروي عن الكسائي أن موضعه موضع ضمير الخبر وهو تابع له ، ورد بأن التابع له لا يتقدم متبوعه (٥).
قوله : (وبعض العرب يجعله مبتدأ وما بعده خبره) يعني رؤبة (٦) وغيره من فصحاء العرب وحكاه الجرمي عن تميم ويقرؤون : ولكن كانوا هم الظالمون (٧) وإن ترني أنا أقل (٨) واحتجوا بقوله :
__________________
(١) ينظر الإنصاف مسألة رقم ١٠٠ في ٢ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ، وشرح الرضي ٢ / ٢٧ وآراء من ذكر فيهما.
(٢) ينظر رأي الإمام يحيى بن حمزة في الأزهار الصافية السفر الثاني ورقة ١٤.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٤) ينظر شرح التسهيل لابن مالك السفر الأول ١ / ٢٢.
(٥) ينظر شرح الرضي ٢ / ٢٧ حيث قال : وبعض النحاة يقول حكمه في الإعراب حكم ما بعده لأنه يقع مع ما بعده كالشيء الواحد ولذا يدخل عليه لام الابتداء في نحو (إنك لأنت الحليم) وهو أضعف من قول الكوفية ، لأنا لم نر اسما يتبع ما بعده في الإعراب.
(٦) ينظر الكتاب ٢ / ٣٩٢ وما بعدها ، وشرح المفصل ٣ / ١١٢.
(٧) الزخرف ٤٣ / ٧٦ وتمامها : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) قرأ الجمهور : والظالمين على أنهم فصل ، وقرأ عبد الله وأبو زيد النحويان : الظالمون بالرفع على أن (هم) الخبر ، وقراءة الرفع هي غير السبعة كما ذكر الرضي ٢ / ٢٧ ، وينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ١٤٥ ، والبحر المحيط ٢ / ٢٧ ، وتفسير أحكام ـ ـ القرآن للقرطبي ٧ / ٥٩٣٥ ، وفتح القدير ٤ / ٥٦٥ ، وإعراب القرآن للنحاس ٤ / ١٢١.
الكهف ١٨ / ٣٩ ، وقرأ الجمهور (أقلّ) بالنصب مفعولا ثانيا لترني وهي علمية لا بصرية لوقوع أنا وأقل خبره ، والجملة في موضع مفعول ترني الثاني إن كانت علمية ، وفي موضع الحال إن كانت بصرية ، ينظر البحر المحيط ٦ / ١٢٣ ، وتفسير القرطبي ٥ / ٤٠٢٥ ، وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ٤٥٧.