يَدْعُوهُ)(١) وربما يرد مؤنثا فيكون للقصة نحو قوله تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ)(٢) وإنما سمي ضمير شأن وقصة ، لأنه في التحقيق يعود إلى أحدهما ، والكوفيون يسمونه ضمير المجهول ، لأنه لا يعود إلى مذكور (٣).
قوله : (يفسّر بالجملة بعده) يعني أنه لا يعود إلى متقدم مذكور ، وإنما تفسره.
الجملة التي بعده سواء كانت اسمية نحو : (هو الأمير قادم) ، أو فعلية ، نحو قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ)(٤) فإن في (كاد) ضمير شأن ، ولا يصح جعله من التنازع ، لأنه إن أعمل الأول وهو (كاد) فقد أخرّ اسمها عن خبرها وهو لا يجوز ، كما لا يجوز تقديم قام في (زيد قام) ، وإن أعمل الثاني لزم الإضمار في (كاد) فيقال : (كادت) أو (كدت).
ولهذا الضمير أحكام : وجوب تصدره على الجملة ، وهي المفسّرة له ، ولا يؤكد ولا يعطف عليه ولا به ولا يفسر بمفرد قوله : (بعده) إنما كانت (بعده) لأن له الصدر وأجاز الكوفيون (٥) تفسيره باسم الفاعل إذا كان رافعا لظاهر ، لأنه كالجملة نحو : (هو قائم أبوه) على أن (أبوه) فاعل (قائم) ولا يجيزه البصريون إلا على أن (أبوه) مبتدأ تقدم عليه خبره.
__________________
(١) الجن ٧٢ / ١٩ وتمامها : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً.)
(٢) الحج ٢٢ / ٤٦ ، وتمامها : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.)
(٣) ينظر رأي الكوفيين هذا في شرح المفصل ٣ / ١١٤ ، وشرح الرضي ٢ / ٢٨.
(٤) التوبة ٩ / ١١٧ ، وتمامها : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)).
(٥) ينظر شرح المفصل ٣ / ١١٤ ، وشرح الرضي ٢ / ٢٨.