حرف التوقيع
قوله : (حرف التوقيع) (١) إنما سمي (توقع) لأنه لا بد يخبر به عمّن يتوقع الإخبار ، فإذا دخل على الماضي قرّبه من الحال نحو : (جاء زيد وقد ضحك) لأن الماضي ينافي الحال ، فأتوا بـ (قد) ليؤذن بأن المراد من الماضي ما قرب من زمن الحال ، وقد يكون في الماضي التوقيع نحو : (قد قامت الصلاة لمن يتوقعها) ، وقد يسمى حرف تقريب لهذا الاعتبار (٢).
قوله : (وهو في المضارع للتقليل) نحو قولهم : (إن الكذوب قد يصدق) وقد تكون للتحقيق مخبرا عن معنى التقليل ، نحو : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ)(٣) و (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ)(٤) وقد تكون للتكثير مع التحقيق نحو :
[٨١٩] قد أترك القرن مصفّرا أنامله |
|
كأن أثوابه مجت بفرصاد (٥) |
__________________
(١) في المحققة التوقع بدل التوقيع وهو الصواب من حيث الاشتقاق والمعنى.
(٢) ينظر شرح الرضي ٢ / ٣٨٨.
(٣) الأحزاب ٣٣ / ١٨ ، وتمامها : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً).
(٤) الأنعام ٦ / ٣٣ ، وتمامها : (... لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ...).
(٥) البيت من البسيط ، وهو لعبيد بن أبي الأبرص في ديوانه ٤٩ ، ونسبه سيبويه في الكتاب للهذلي ٤ / ٢٢٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٨ ، والمقتضب ١ / ٤٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش ٨ / ١٤٧ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٣٠ ، وشرح الرضي ٢ / ، ورصف المباني ٤٥٦ ، وتذكرة النحاة ٧٦ ، ومغني اللبيب ٢٣١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ، والهمع ٤ / ٣٧٩ والخزانة ١١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٧ ، والفرصاد :
دماء التوت وقيل التوت نفسه.
والشاهد فيه مجيء قد للتكثير والدليل عليها ، كأنّ أثوابه مجت بفرصاد.