الله لك ما يُذْهِب شَعَثك.
وأما «لمّا» مُرسلة الألف مشدّدة الميم غير مُنَوَّنة ، فلها معانٍ في كلام العرب :
أحدها : أنَّها تكون بمعنى الحين إِذا ابتدىء بها ، أو كانت مَعطوفة بواو أو فاء ، وأُجيبت بفعل يكون جوابها ، كقولك : لما جاء القوم قاتلناهم ، أي حين جاءوا.
ومنه قول الله عزوجل : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً) [القصص : ٢٣].
وقوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَ) [الصافات : ١٠٢].
معناه كله : حين.
وقد يُقدّم الجواب عليها ، فيُقال : استعدّ القوم لقتال العدوّ لما أحسّوا بهم ، أي حين أحسّوا بهم.
وتكون «لما» بمعنى «لم» الجازمة ؛ قال الله تعالى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨]. أي : لم يذوقوه.
وتكون بمعنى إلّا ، تقول : سألتك لَمّا فَعلت ، بمعنى : إلّا فَعلْت.
وهي في لُغة هُذيل بمعنى «إلا» إذا أُجيب بها «إن» التي هي للجحد ؛ كقول الله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)) [الطارق : ٤] معناه : ما كل نفس إلّا عليها حافظ.
ومثله قولُه تعالى : (وَإِنْ كُلٌ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢)) [يس : ٣٢].
شدّدها عاصم ، والمعنى : ما كُلُّ إلّا جميعٌ لَدينا.
وقال الفَرّاء : «لما» إذا وضعت في معنى إلا فكأنها «لَمْ» ضُمّت إليها «ما» فصارا جميعاً بمعنى «إن» التي تكون جحداً ، فضمّوا إليها «لا» فصارا جميعاً حرفاً واحداً وخرجا من حَدّ الجحد.
وكذلك «لمّا».
قال : ومثل ذلك قولهُم : لو لا ، إنما هي «لو» و «لا» جُمعتا فخرجت «لو» من حدّها و «لا» من الجحد ، إذا جُمعتا فصيِّرتا حَرْفاً.
قال : وكان الكسائي يقول : لا أَعرف وجه «لمّا» بالتّشديد.
قلت : وممّا يدُلك على أن «لما» يكون بمعنى «إلا» مع «أن» التي تكون جَحداً ، قولُ الله عزوجل : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) [ص : ١٤] ، وهي قراءة قُرّاء الأمْصار.
وقال الفراء : وهي في قراءة عبد الله : إن كلّ إلّا كذّب الرّسل [ص : ١٤].
والمعنى واحد ، والأولَى قراءة الفَرّاء.
وقال الخليلُ : «لمّا» تكون انتظاراً لشيء مُتَوقَّع.
وقد تكون انقطاعاً لشيء ، قد مَضى.