واسْتبان ، بمعنى واحد ؛ ومنه قوله تعالى : (آياتٍ مُبَيِّناتٍ) [النور : ٣٤] بكسر الياء وتشديدها ، بمعنى : مُتَبَيِّنات.
ومن قرأ «مُبَيَّنات» بفتح الياء ، فالمعنى : إن الله بَيَّنها.
ومن أمثال العرب : قد بَيَّن الصُّبح لذي عَينين ، أي تَبيَّن.
وقال الزجّاج في قوله الله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)) [الرحمن : ٣ ، ٤].
قيل : إنه عَنى ب «الإنسان» هاهنا : النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ، أي : علّمه القُرآن الذي فيه بيانُ كلّ شيء.
وقيل : الإنسان ، هاهنا : آدم عليهالسلام.
ويجوز في اللغة أن يكون «الإنسان» اسماً لجنس الناس جميعاً ، ويكون على هذا المعنى : (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ، جعله مميزاً حتى انفصل الإنسان ببَيانه وتَمييزه من جميع الحيوان.
قلت : و «الاستبانة» يَكون واقعاً.
يقال : استبنتُ الشيء ، إذا تأمّلته حتى تبَيَّن لك : قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥)) [الأنعام : ٥٥] ، المعنى : (وَلِتَسْتَبِينَ) أنت يا محمد (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) ، أي لتزداد استبانة ؛ وإذا بان سَبيل المجرمين فقد بان سَبِيل المؤمنين منهم.
وأكثر القُرّاء قرءوا (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ).
والاستبانة ، حينئذ ، تَكون غير واقع.
ويقال : تبيّنت الأمر ، أي : تأملته وتوسّمته ؛ وقد تبيّن الأمر ، يكون لازماً وواقعاً.
وكذلك : بَيَّنته فَبَيَّن ، أي تَبيَّن ، لازم ومُتعدّ.
وقوله جلّ وعزّ : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل : ٨٩] ، أي : بُيِّن لك فيه كُلّ ما تحتاج إليه أنت وأمّتك من أمر الدِّين.
وهذا من اللّفظ العامّ الذي أُرِيد به الخاص.
والعرب تقول : بَيَّنت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً ، بكسر التاء.
و «تِفعال» بكسر التاء يكون اسماً في أكثر كلام العَرب.
فأما المصدر فإنه يجيء على «تَفعال» ، بفتح التاء ، مثل : التَّكذاب ، والتَّصْداق ، وما أشبهه.
وجاء في المصادر حرفان نادران ، وهما تِلْقاء الشيء ، والتِّبيان ، ولا يُقاس عليهما.
والبَيْن ، في كلام العرب ، جاء على وَجْهين مُتضادَّين :