وقعت موقعها ، وأن المعنى : نعم هذان لهما ساحران.
والذي يلي هذا في الجودة مَذْهب بني كنانة وبَلْحارث بن كعب.
فأمّا قراءة أبي عمرو فلا أُجيزها ، لأنها خلاف المُصْحف.
قال : وأَستحسن قراءة عاصم والخليل : «إِنْ هذانِ لَساحِرانِ».
وقال غيره : العربُ تجعل الكلام مختصراً ما بَعْدَه على «إنّه» ، والمراد : إنه لكذلك ، وإنّه على ما تقول.
فأما «إن» الخفيفة ، فإن المنذريّ رَوى عن ابن اليَزيدي ، عن أبي زيد ، أنه قال : «إن» تقع في موضع من القرآن مَوْضِعَ «ما» ، ضَرْبُ قَوْله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٩] ، معناه : ما من أهل الكتاب.
ومثله : (لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) [الأنبياء : ١٧] أي : ما كنّا فاعلين.
قال : وتجيء «إن» في موضع «لقد» ، ضَرْبُ قوله تعالى : (إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) [الإسراء : ١٠٨] ، المعنى ، لقد كان من غير شك من القوم.
ومثله : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) [الإسراء : ٧٣] ، (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ) [الإسراء : ٧٦].
وتجيء «إن» بمعنى «إذ» ، ضَرْبُ قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٢٧٨] المعنى : إذ كنتم مؤمنين.
وكذلك قوله تعالى : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [النساء : ٥٩] معناه : إذ كنتم.
قال : و «أن» بفتح الألف وتَخفيف النون ، قد تكون في موضع «إذ» أيضاً.
و «إن» بَخْفض الألف تكون موضع «إذا» ، من ذلك قولُه تعالى : (لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا) [التوبة : ٢٣].
من خَفضها جعلها في موضع «إذا».
ومَن فتحها جعلها في موضع «إذ».
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ في قوله تعالى : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩)) [الأعلى : ٩].
قال : «إن» في معنى «قد».
وقال أبو العبّاس ، العربُ تقول : إن قام زيد ، بمعنى قد قام زيد.
وقال الكسائي : سمعتُهم يقولونه فظننته شرطاً ، فسألتهم فقالوا : نريد : قد قام زيد ، ولا نريد : ما قام زيد.
وقال الفراء : «إن» الخفيفة أُمّ الْجَزاء ، والعرب تُجازي بحروف الاستفهام كُلّها وتجزم الفعلين : الشرط والجزاء ، إلا «الألف» و «هل» ، فإنهما يَرفعان ما يليهما.