الشاعر فيمن جمع «الأب» أَبِين :
أقبل يَهْوِي مِن دُوَيْن الطِّرْبَالْ |
وهْو يُفدَّى بالأبين والخالْ |
رُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «تُنكح المرأة لمالها وحسبها ، عليك بذات الدِّين تَرِبَت يَداك».
قال أبو عُبيد : هذه كلمة جاريةٌ على لسان العرب يقُولونها ولا يُريدن وقُوع الأمر.
قال : وزعم بعضُ العلماء أنّ قولهم : لا أبا لك ، ولا أبَ لك ، مَدح ؛ ولا أُمّ لك ، ذمٌّ.
قال أبو عُبيد : وقد وجَدنا «لا أُم لك» وُضع موضع المدح أيضاً ، واحتج ببيت كَعب بن سعد الغَنوي يرثي أخاه :
هوت أُمّه ما يبعث الصُّبْحُ غادياً |
وماذا يُؤدي الليل حين يؤوبَ |
وإنما رد أبو الهيثم به على أبي عُبيد قوله وقال : إنما معنى هذا كقولهم : ويح أُمّه ، وويل أُمّه ، وليس للرَّجُل في هذا من المدح ما ذهب إليه ، وليس يشبه هذا قولهم ، في : لا أُمَّ لك.
قال أبو الهيثم : إذا قال الرّجُل للرجل ، لا أُمَّ لك ، فمعناه : ليس لك أُمٌّ حُرّة ، وهو شَتْم.
وذلك أنّ بَني الإماء لَيْسوا بمَرْضِيِّين ولا حِقين بِبَني الأحْرار والأَشراف.
قال : ولا يقول الرجلُ لصاحبه : لا أمّ لك ، إلا في غَضبه عليه وتَقْصيره به شاتماً له.
وأمّا إذا قال : لا أبا لك ، فلم يترك له من الشَّتيمة شيئاً.
وإذا أراد إكرامه قال : لا أبا لشانيك. ولا أبَ لشانيْك ، وما أشبه ذلك.
روى إسحاق بن إبراهيم ، عن ابن شُميل أنه سأل الخليلَ عن قول العرب : لا أَبا لك. فقال : معناه : لا كافِيَ لك.
وقال غيره : معناه : أنك تُجْزَى أمرك ، وهذا أَحْمد.
قولهم : لا أُم لك ، أي : أنت لَقيط لا تُعرف لك أُمّ.
وأخبرني المُنذري ، عن ثعلب ، عن سلمة ، عن الفراء ، قال : قولهم : لا أبا لك ، كَلمةٌ تَفْصل بها العربُ كلامَها.
وقال المبرّد : يُقال : لا أَبَ لك ، ولا أبك ، بغير لام.
أخبرني المُنذري ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : اسْتَئِب أَباً ، واسْتأبِبْ أَباً ، وتأَبَ أَباً ، واسْتَئمّ أُمّاً ، واسْتَأْمَم أُمّاً ، وتأَمَّم أمّاً.
قلت : وإنما شُدِّد «الأب» والفعل منه ، وهو في الأصل غير مشدّد ، لأن «الأب» أصله : أبو ، فزادوا بدل «الواو» ياءً ، كما قالوا : قِنّ ، للعبد ، وأصله : قِنْيٌ.