يريد : بَلْ كُلٌّ.
قال : ويَفعلون مثل ذلك ب «أو» ، وسنذكره في موضعه.
وقال الزجّاج : أم ، إذا كانت مَعْطوفة على لفظ الاستفهام ، فهي معروفة لا إشكال فيها ؛ كقولك : أزَيْدٌ أحسن أم عمرو؟ و: أكذا خير أم كذا؟
وإذا كانت لا تقع عطفاً على ألف الاستفهام ، إلا أنها تكون غير مبتدأة ، فإنها تؤذن بمعنى «بل» ، ومعنى «ألف الاستفهام».
ثم ذكر قول الله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) [البقرة : ١٠٨].
قال المعنى : بل أَتُريدون أن تسألوا.
وكذلك قوله تعالى : (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) [السجدة : ١ ، ٣].
المعنى : بل يقولون افتراه.
وقال الليث : أم ، حرف أحسن ما يكون في الاستفهام على أوله ، فيصير المعنى كأنه اسْتفهام بعد اسْتفهام.
قال : ويكون «أم» بمعنى «بل».
ويكون «أم» بمعنى «ألف الاستفهام» ، كقولك : أم عِندك غداء حاضرٌ؟ وهي لغة حسنة من لُغات العرب.
قلت : وهذا يجوز إذا سَبقه كلام.
قال الليث : وتكون «أم» مبتدأة للكلام في الخبر ، وهي (١) لغة يمانية ، يقول قائلهم : أم نحن خرجنا خيارَ الناس ، أم نُطعم الطعام ، أم نضرب السهام ؛ وهو يُخْبِر.
وروى ابن اليزيدي ، عن أبي حاتم ، قال : قال أبو زيد : «أم» تكون زائدةً ، لغة لأهل اليمن ؛ وأَنْشد :
يا دَهْن أم ما كان مَشْيِي رَقَصَا |
بل قد تكون مِشْيَتي ترقُّصَا |
أراد يا دَهناء ، فرَخَّم ، و «أم» زائدة ؛ أراد : ما كان مَشيي رَقَصاً ، أي : كنت أترقَّص وأنا في شَبِيبتي واليومَ قد أَسْنَنْت حتّى صار مَشيي رَقَصا.
وقال غيره : تكون «أم» بلغة أهل اليمن بمعنى : الألف واللام.
وفي الحديث : «ليس من امْبِرّ امْصِيامٌ في امْسَفَر».
أي : ليس من البرّ الصيام في السَّفر.
قلت : والألف فيها ألف وصل ، تُكتب ولا تُظهر إذا وُصلت ، ولا تُقطع كما تُقطع ألف «أم» التي قدّمنا ذكرها ؛ وأَنْشد أبو عُبيد :
ذاك خَلِيلي وذو يُعاتِبُني |
يَرْمي وَرائي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَهْ |
__________________
(١) في المطبوع : «هم» والمثبت في «العين» (٨ / ٤٣٥).