ألا تَراه كيف وَصل الميم باللَّام ، فافهمه.
قلت : والوجه ألّا تثبت الألف في الكتابة ، لأنّها ميم جُعلت بدل الألف واللام ، للتَّعْريف.
ما : قال أهل العربيّة : «ما» إذا جُعِلت اسماً هي لغير المُميِّزين من الجِنّ والإنس ؛ و «من» تكون للمميِّزين.
ومن العرب من يَستعمل «ما» في موضع «من» ، من ذلك قولُه تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء : ٢٢] التقدير : لا تَنكحوا مَن نكح آباؤكم.
وكذلك قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) [النساء : ٣] ، معناه : من طاب لكم.
وروى سَلمة ، عن الفَراء ، قال الكسائي : تكون «ما» اسماً ، وتكون جَحْداً ، وتكون استفهاماً ، وتكون شَرْطاً ، وتكون تعجُّباً ، وتكون صِلَةً ، وتكون مَصْدراً.
قال محمد بن يزيد : وقد تأتي «ما» تمنع العاملَ عمله ، وهو كقولك : كأنما وَجهك القمر ، وإنما زَيْد صديقنا.
قلت : ومنه قولْه تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] ربّ : وضعت للأسماء ، فلما أُدخلت فيها «ما» جُعلت للفِعْل.
وقد توصل «ما» ب «رب» و «ربت» فتكون صلةً ؛ كقوله :
ماوِيّ يا رُّبَّتما غارةٍ |
شَعْواء كاللَّذْعةِ بالمِيَسمِ |
يُريد : يا ربّت غارة.
وتجيء «ما» صلة يُراد بها التأكيد ، كقوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥]. المعنى : بِنَقْضهم ميثاقهم.
وتكون مصدراً ؛ كقوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] أي : فاصدع بالأَمر.
وكقوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ ، وَما كَسَبَ (٢)) [المسد : ٢] أي : وكَسْبه.
و «ما» التَّعجب ؛ كقوله تعالى : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة : ١٧٥].
والاستفهام ب «ما» كقولك : ما قَولك في كذلك؟
والاستفهام ب «ما» مِن الله لعباده على وَجهين : هو للمُؤمن تَقْرير ؛ وللكافر تَقْريع وتَوْبيخ.
فالتَّقرير ، كقوله تعالى لمُوسى عليهالسلام : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ) [طه : ١٧ و١٨] قَرَّره الله أنها عَصىً كراهية أن يَخافها إذا حَوَّلها حَيَّة.
والشَّرط ؛ كقوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ) [فاطر : ٢].
والجحد ؛ كقوله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء : ٦٦].