وتجيء «ما» بمعنى «أي» ؛ كقوله تعالى : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) [البقرة : ٦٩] المعنى : يبين لنا أيّ شيء لونها؟ و «ما» في هذا الموضع رَفع ، لأنه ابتداء ، ومُرافعها قوله «لونها».
الفراء : و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) [نوح : ٢٥] تَجعل «ما» صلة فيما تَنْوي به مذهب الجزاء ، كأنه : من خطيئاتهم ما أُغرقوا.
وكذلك رأيتها في مُصحف عبد الله ، وتأخرها دليل على مذهب الجزاء.
ومثلها في مصحفه : «أي الأجلين ما قَضيتَ».
ألا ترى أنك تقول : حيثما تكن أكن ، ومهما تقل أقُل.
وقوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] وُصل الجزاء ب «ما» ، فإِذا كان استفهاماً لم يوصل ب «ما» ، وإنما يُوصل إذا كان جزاء ؛ أَنْشد ابن الأعرابيّ قولَ حسّان :
إن يكُن غَثّ مِنْ رَقَاشِ حَدِيثٌ |
فبما يأكل الحديثُ السَّمينَا |
قال : فبما ، أي : ربما.
قلت : وهو مَعروف في كلامهم قد جاءَ في شعر الأعشى وغيره.
أما : وقال الليث «أمَا» استفهام جحود ؛ كقولك : أما تستحي من الله؟
قال : وتكون «أما» تأكيد للكلام ولليمين ، كقولك : أما إنه لرجل كَرِيم.
وفي اليمين كقولك : أمَا والله لئن سَهرت كُل ليلة لأدَعنّك نادماً ؛ أما لو علمتُ بمكانك لأزعجنّك منه.
إما وأما : وافتراقهما
أبو العباس ، عن سَلمة ، عن الفراءِ ، قال : قال الكسائي في باب «إمّا» و «أمّا» :
إذا كنت آمراً ، أو ناهياً ، أو مُخبراً ، فهي «أمّا» مفتوحة.
وإذا كنت مُشترطاً أو شاكاً أو مخيِّراً أو مختاراً ، فهي «إمّا» بكسر الألف.
قال : وتقول من ذلك في الأول : أما الله فاعْبد ، وأما الخَمر فلا تَشْربها ، وأمّا زيد فقد خَرج.
قال : وتقول في النوع الثاني ؛ إذا كنت مُشترطاً : إمّا تَشْتمنّ زيداً فإنه يَحْلُم عنك.
وتقول في الشكّ : لا أَدْري من قام إمَّا زيدٌ وإمّا عمرو.
وتقول في التَّخيير : تعلّم إمّا الفِقه : وإمّا النَّحو.
وتقول في المختار : لي بالكوفة دارٌ وأنا خارج إليها فإمّا أن أَسْكنها وإمّا أن أبِيعها.
قال : ومن العرب من يَجعل «إمّا» بمعنى : إمّا الشرطية. قال : وأنشد الكسائي