فأكثر القُراء قرؤوا : أيِمة ؛ بهمزة واحدة.
وقرأ بعضهم : أَئِمَّةَ ، بهمزتين.
وكل ذلك جائز.
وقال أبو إسحاق : إذا فَضلنا رجلاً في الإمامة قلنا : هذا أَوَمُّ من هذا.
وبعضهم يقول : هذا أَيَمّ من هذا.
قال : والأصل في «أئمة» : أأْمِمَة ، لأنه جمع «إمام» مثله : مثال وأَمثلة.
ولكن الميمين لمّا اجتمعتا أُدْغمت الأولى في الثانية ، وأُلقيت حركتها على الهمزة ، فقيل : أَئمّة ، فأبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء.
قال : ومن قال : هذا أَيَمّ من هذا ، جعل هذه الهمزة كلّما تحركت أَبدل منها ياءً.
والذي قال : فلان أَوَمُ من هذا ، كان عنده أَصلها «أَأَمّ» ، فلم يمكنه أن يبدل منه ألفاً لاجتماع الساكنين ، فجعلها واواً مفتوحة ؛ كما في جمع «آدم» : أوادم.
وهذا هو القياس.
قال : والذي جعلها ياء قال : قد صارت الياء في «أَيمّة» بدلاً لازماً.
وهذا مذهب الأخفش.
والأول مذهب المازنيّ ، وأظنه أَقيس المذهبين.
فأما «أئمة» باجتماع الهمزتين ، فإنما يُحكى عن أبي إسحاق : فإِنه كان يجيز اجتماعهما ، ولا أَقول إنها غير جائزة.
والذي بدأنا به هو الاختيار.
وقال الفَرّاء في قوله تعالى : (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) [الحجر : ٧٩] يقول : في طريق لهم يَمُرون عليها في أَسْفارهم. فجعل الطَّريقَ إمَاماً ، لأنه يُؤَمّ ويُتّبع.
الليث : الأمام ، بمعنى : القُدّام.
وفلان يَؤُم القوم ، أي : يَقْدُمهم.
ويقال : صَدرك أمامُك ، بالرفع ، إذا جعلته اسْماً.
وتقول : أخوك أمامَك ، بالنصب ، لأنه صِفة.
وقال لَبيد ، فجعله اسْماً :
فعدتْ كلا الفرْجين تَحسب أنّه |
مولَى المخَافة خَلْفُها وأَمامُها |
يصف بقرةً وحشيّة غرّها القنّاص فعَدت ، وكِلا فَرْجَيها ، وهما أمامها وخلفها ، تحسب أنه ألهاه عِمادٌ مولى مخافتها ، أي : وليّ مَخافتها.
قال أبو بكر : معنى قولهم : فلانٌ يؤُمّ أي : يتقدّمهم.
أُخذ من «الأمام» ، يقال : فلان إمام القوم ، إذا تَقدَّمهم.
وكذلك قولهم : فلان إمام القوم ، معناه : هو المتقدِّم لهم.
ويكون الإمام رئيساً ، كقولك : إمام