ـ ٢ ـ
جملة النداء
النداء علامة من علامات «الاتصال» بين الناس ، وهو دليل قوي على «اجتماعية» اللغة ، ومن ثم فهو كثير الاستعمال ، ولا يكاد يخلو كلام إنسان كل يوم من النداء ، فأنت فى حاجة كل وقت أن تنادي «شخصا ما» أو «شيئا ما» ، لذلك كان للنداء «أسلوب» خاص ، بل جملة خاصة اختلف في شأنها اللغويون ؛ فهي جملة لأنها تفيد معنى كاملا حين نقف عليها ، وهي تتكون من حرف للنداء ومنادى ، والجمل المعروفة لا تتكون من حرف واسم فقط ، ولابد أن يكون فيها إسناد بين اسم واسم أو بين فعل واسم. لهذا كله يرى بعض اللغويين المحدثين قبول هذا التركيب على أنه «جملة» لكنهم يطلقون عليها «جملة غير إسنادية».
على أن النحو العربي يرى أن جملة النداء جملة تامة شأنها شأن الجمل الأخرى يتوافر فيها إسناد غير ظاهر ؛ لأن المنادى عندهم نوع من «المفعول به» وهو منصوب بفعل محذوف تقديره : أنادى ، أو أدعو ، وهذا الفعل لا يظهر مطلقا ، وحرف النداء ينوب عنه ويعمل عمله. وهناك اعتراض قديم على تقدير هذا الفعل ؛ لأن جملة النداء جملة طلبية ، وهذا التقدير يحولها إلى جملة خبرية ، وهو اعتراض لا موضع له في التحليل النهائي لهذه الجملة.
وحروف النداء متعددة ؛ منها ما هو للقريب ، ومنها ما هو للمتوسط ، ومنها ما هو للبعيد. ومقياس القرب والبعد قد يكون مقياسا ماديا في المكان والزمان ، وقد يكون مقياسا معنويا كالابن والصديق والعدو.
وأشهر حروف النداء وأكثرها استعمالا هو : يا ، ويجوز حذف حرف النداء في الاستعمال الكثير ويبقى أثره ، مثل :
أستاذنا الجليل ...
أخي العزيز ...