قال العلاّمة الطباطبائي : جعل الولاية بين أُولي الأرحام والقرابات ، وهي ولاية الإرث ، فانّ سائر أقسام الولاية لا ينحصر فيما بينهم.
والآية تنسخ ولاية الإرث بالمؤاخاة التي أجراها النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بين المسلمين في أُول الهجرة ، وتُثبت الإرث بالقرابة ، سواء كان هناك ذو سهم أو لم يكن ، وكان عصبة أو لم يكن ، فالآية مطلقة كما هو ظاهر. (١)
وقد استدلّ بالآية بعض الفقهاء والمفسّرين في مورد الإرث وفسروه بالنحو التالي الموافق لما ذكرنا.
قال السرخسي في مبسوطه : والميراث يبنى على الأقرب ، قال الله تعالى : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) وزيادة القرب تدلّ على قوة الاستحقاق.
وقال أيضاً : فإن كان بعضهم أقرب فهو بالميراث أحقّ.
وقال أيضاً : وميراث ذوي الأرحام يبنى على القرب. (٢)
وممّا يدلّ على أنّ مفاد الآية هو منع القريب البعيد هو انّ بعض فقهاء السنة تمسك بالآية على أُولوية بعض العصبة على بعض ، مثلاً : قدّموا الأخ على ابن الأخ ، والعم على ابن العم ، حتّى أنّهم يقدّمون الأخ لأبوين على ابن الأخ لأب ، كما أنّ العمّ لأبوين يقدّمونه على العمّ لأب ، وابن العم لأبوين على ابن العم لأب ، تمسّكاً بالآية. (٣)
وبما انّ الآية وردت في سورتين مدنيتين ، فهي تؤكد على نسخ ما كان شائعاً في الجاهلية من تقديم الأقوياء على الضعفاء ، والرجال على النساء في الميراث ،
__________________
(١) الميزان : ٩ / ١٤٢.
(٢) المبسوط : ٢٩ / ١٣٩ ، ٣٠ / ١٣ و ٢٠.
(٣) تفسير القرطبي : ٨ / ٥٨ و ٥٩.