من الصفات ، على اللزوم والامتناع فيقول : إنّه سبحانه بما هو عادل ، لا يجور على عباده ، وبما انّه حكيم لا يعبث في فعله ، إلى ذلك من الأحكام المستكشفة من خلال دراسة صفاته وسنوضحه ـ بإذن الله ـ في المستقبل.
هذا حال الباحث في علم الكلام وحاجته إلى تنقيح مسألة التحسين والتقبيح العقليين ، ومثله الباحث في الأخلاق حينما يطرح القيم الأخلاقية على طاولة البحث فيعتمد على تلك القاعدة في تقييم الأفعال الإنسانية من حيث كونه فضيلة أو رذيلة.
وليست حاجة الفقيه إلى تلك القاعدة بأقلّ من حاجة الطائفتين ، فانّ خلود الأحكام الفقهية عبْر الزمان وكون الشريعة الإسلامية ، خاتمة الشرائع ، رهن القول بالتحسين والتقبيح العقليين ، فكلّ حكم شرعي يستمد ملاكه من تلك القاعدة فهو حكم مؤبّد بتأبيد ملاكه ـ الحسن والقبح ـ فلا يتغير ولا يتبدّل ، فانّ الحسن ، حسن على كلّ حال ، والقبيح قبيح كذلك ، والحكم المستمَدَّ منه يكون كذلك فالاعتراف بالحسن والقبح العقليّين الأبديّين يُضيف على الأحكام الشرعيّة المستندة إليهما ، وصفَ الأبديّة.
وأمّا حاجة الأُصولي إلى القاعدة فواضحة جدّاً ، حيث إنّ العقل أحد الأدلّة الأربعة التي يستنبط بها الأحكام ومن أحكامه ، الحكم بحسن الفعل وقبحه مثلاً إذا افترضنا انّ المكلّف شكّ في حكم موضوع بعد الفحص عن مظانّه في الكتاب والسنّة ولم يعثر فيهما على حكمه ، فعند ذاك يستقل العقل بقبح عقاب المكلّف إذا ارتكب مع احتمال الحرمة ، أو ترك مع احتمال الوجوب استناداً إلى قبح العقاب بلا بيان.