دور القاعدة في العلوم الإنسانية
وخلاصة القول : إنّ القاعدة إذا فُسِّرت بصورة صحيحة ، تعدّ حجر الأساس لكثير من المسائل في العلوم الإنسانية كما عرفت نماذجها.
ولمّا كانت القاعدة أساساً لثبات القيم الأخلاقية ، والقوانين الشرعية السماوية ، المبنية على التحسين والتقبيح العقليّين ، عاد بعض المفكّرين من الغربيّين الذين لا يروقهم ثبات القيم ودوامها ، وبقاء الشريعة السماوية ، يثيرون الشكوك حول القاعدة.
نعم سبقهم في إنكار القاعدة طائفة من المتكلّمين وهم الأشاعرة ، وأهل الحديث لا لهذه الغاية ، بل لاستنكارهم استطاعة العقل على إدراك حسن الفعل أو قبحه ، وقالوا : إنّ المرجع في تمييز الحسن عن القبح هو الشرع ، وبذلك افترق المسلمون إلى طائفتين :
١. من يقول بالتحسين والتقبيح العقليّين تمثّلهم الإمامية والمعتزلة.
٢. من ينكر التحسين والتقبيح العقليّين ويقول بالشرعيّين منهما ، وأنّ الحسن ما حسّنه الشارع والقبيح ما قبّحه الشارع ولو لا أمر الشارع ونهيه لما استطاع الإنسان على معرفة الحسن والقبيح ، وهذا مقالة الأشاعرة وأهل الحديث ، وسيوافيك انّ من أنكر استطاعة إدراك الحسن والقبح من الأفعال لا يتسنّى له ، إثبات التحسين والتقبيح مطلقاً حتّى الشرعي منهما.
هذا هو دور القاعدة في العقيدة والشريعة ، وهذا خلاف طائفة من المتكلّمين وجماعة من المفكّرين الغربيّين ، لكن تبيين الموضوع ومناقشة الأقوال والآراء ، والقضاء بين أدلة الطرفين والثمرات المترتبة على المسألة على وجه الإيجاز ، يأتي في ضمن فصول :