٣
مضاعفات حصر الخالقية في الله على ضوء التفسير الأشعري
قد تقدّم انّ المسلمين إلاّ من شذّ تبعاً للذكر الحكيم والبراهين العقلية اتّفقوا على حصر الخالقية في الله سبحانه وعدُّوه من مراتب التوحيد ولا يصحّ الحصر ولا ينسجم مع سائر الأُصول إلاّ إذا فسر على النحو الذي مرّ آنفاً ، فالقول بهذا الحصر ـ على ما فسرنا ـ لا ينافي الإيمان بالعلل والأسباب الطولية والنظام السائد على العالم من العلّية والمعلولية ، المنتهي إلى الله سبحانه.
غير انّ الإمام الأشعري ومن تبعه أخذوا بظواهر بعض الآيات فأنكروا أصل التأثير حتّى الظلي والتبعي في غيره سبحانه ولم يعترفوا إلاّ بعلة واحدة وهي الله سبحانه ، القائم مكان عامة العلل ، فجعلوا الظواهر كلّها مخلوقة لله بالمباشرة وبلا توسط سبب وكأنّ من أنكر ذلك التفسير فقد أنكر التوحيد في الخالقية ، غير انّ ذلك التفسير مردود من جهات نشير إلى بعضها.
الأُولى : تصريح القرآن بتأثير العلل الطبيعية
إنّ القرآن الكريم يصرح بوضوح كامل بتأثير بعض الأشياء في بعض ويكشف عن نظام سائد على العالم نظاماً عليّاً ومعلولياً ، سببياً ومسببياً ، ونحن