١
ملاكات التحسين والتقبيح العقليّين
إنّ القول بأنّ العقل قادر على درك حسن الأفعال وقبحها ، يُفسّر على وجوه ، فلا بدّ من ذكرها وتعيين ما هو محطّ البحث بين المثبتين والمنكرين.
١. التحسين والتقبيح الذاتيان
إذا كان الفعل الصادر عن الفاعل المختار ـ سواء أكان واجباً أم ممكناً ـ على نحو إذا نظر إليه العقل وتجرّد عن كلّ شيء ، يحكم بحسنه ولزوم فعله أو بقبحه ولزوم تركه ، فالعقل في قضائه هذا بالحسن أو القبح ، لا ينظر إلاّ إلى نفس الموضوع ، دون ما يترتّب عليه من المصالح والمفاسد العامّة ، أو كونه موافقاً لغرض الفاعل أو الإنسان الحاكم أو غير ذلك من الأُمور الخارجة عن ذات الفعل ، فهذا هو المسمّى بالتحسين والتقبيح العقليّين الذاتيّين.
مثاله ، الإحسان والظلم فيستقل العقل بحسن الأوّل وقبح الثاني ، من دون نظر إلى مصالح الفعل أو مفاسده ، أو كونه مؤمِّناً لغرض الفاعل أو الحاكم ، فكأنّ الحسن والقبح داخلان في ذات الفعل وجوهره ، لا ينفكان عنه ، ففرض الفعل يلازم فرض أحد الحكمين.
وسيوافيك انّ هذا هو محطّ البحث بين المثبت والنافي.