٤
نظرية الكسب بين التفسير ، والتكامل ، والإبطال
قد تعرفت على أنّ القول بالتوحيد في الخالقية ـ الذي يعبّر عنه اليوم بعموم القدرة والإرادة ـ بالتفسير الذي قام به أهل الحديث والأشاعرة ، صار ذا مضاعفات عديدة ، أهمها : كون الإنسان مجبوراً لا مختاراً ، مسيّراً لا مخيّراً ، غير مسئول عن عمله وفعله ، لأنّ الفعل فعل الله لا فعله ، وهو خالقه وموجده وليس له دور ، سوى كونه وعاءً لفعل الله سبحانه.
كما تعرّفت على أنّ الشيخ الأشعري قد وقف على ما يترتب على تفسيره من النتائج الفاسدة ، حاول أن يتخلّص من ذلك المأزق بطرح نظرية الكسب حتّى يكون للإنسان دور في مجال أفعاله وأعماله فصار سهم الخالق هو الإيجاد والإنشاء وسهم الإنسان هو الكسب والاكتساب ، والثواب والعقاب على الكسب.
وقد مرّت على النظرية مراحل مختلفة عبر أجيال ، وذلك لأنّ باذر الفكرة وغارسها مرّ عليها بإجمال دون أن يفسّرها ويبيّنها ، فأخذ روّاد منهج الأشعري بتبيينها وتفسيرها تارة ، وتطويرها وإكمالها ثانياً ، إلى أن وصلت النوبة إلى العقول