الحقيقة ، وهم فاعلون لها في الحقيقة. (١)
وقد نقل العلاّمة الحلّي نظرية الكسب عمّن تقدّم على الشيخ الأشعري كالنجّار وحفص الفرد. (٢)
فسواء أكانت النظرية للإمام الأشعري أم لغيره ، فقد مرّت عليها مراحل أُولاها ، مرحلة التبيين والتفسير حتى تخرج عن الإبهام والغموض.
مرحلة التبيين
قد حاول غير واحد من أعيان الأشاعرة ، أن يرفع النقاب عن وجه النظرية منهم الغزالي (٥٠٥٤٥٠ ه) من مشاهير الأشاعرة في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس فقام بإيضاحها بكلام مبسوط يتلخّص في العنوان التالي :
١. الكسب صدور الفعل من الله ، عند حدوث القدرة في العبد
قال : ذهبت المجبرة إلى إنكار قدرة العبد فلزمها إنكار ضرورة التفرقة بين حركة الرعدة ، والحركة الاختيارية ، ولزمها أيضاً استحالة تكاليف الشرع. وذهبت المعتزلة إلى إنكار تعلّق قدرة الله تعالى بأفعال العباد من الحيوانات والملائكة والجن والإنس والشياطين ، وزعمت أنّ جميع ما يصدر منها ، من خلق العباد واختراعهم ، لا قدرة الله تعالى عليها بنفي ولا إيجاب ، فلزمتها شناعتان عظيمتان :
إحداهما : إنكار ما أطبق عليه السلف من أنّه لا خالق إلاّ الله ، ولا مخترع سواه.
__________________
(١) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين : ٢٨١.
(٢) كشف المراد ، الفصل الثالث من الإلهيات : ١٨٩ ، ط صيدا.