ردّ على المجبّرة بوجدان الفرق بين الحركتين ، وهذا الفرق لا يتعقّل إلاّ في ظل تأثير قدرة العبد على الوقوع والوجود.
وأضعف من ذلك تنزيل تعلّق قدرة العبد بتعلّق العلم على المعلوم ، مع أنّ واقعية العلم وماهيته هي الكشف التابع للمكشوف ، فلا يصحّ أن يكون مؤثّراً في المعلوم وموجداً له ، ولكن واقعية القدرة والسلطة ، واقعية الإفاضة والإيجاد ، فلا يتصوّر خلعها عن التأثير مع فرضه قدرة كاملة وبصورة علّة تامّة.
٢. الكسب : توجه قدرة العبد صوب الفعل عند صدوره من الله
قام التفتازاني (٧٩٢٧١٢ ه) في «شرح العقائد النسفية» بتفسير الكسب بالوجه التالي وهو : انّ صرف العبد قدرته وإرادته إلى الفعل كسب ، وإيجاد الله تعالى الفعلَ عقيب ذلك خلق. والمقدور الواحد داخل تحت قدرتين ، لكن بجهتين مختلفتين. فالفعل مقدور الله تعالى بجهة الإيجاد ، ومقدور العبد بجهة الكسب ، وهذا القدر من المعنى ضروري وإن لم نقدر على أزيد من ذلك في تلخيص العبارة المفصحة عن تحقيق كون فعل العبد بخلق الله تعالى وإيجاده ، مع ما فيه للعبد من القدرة والاختيار. (١)
ويقرب من ذلك ما في متن المواقف للعضدي وشرحه للشريف الجرجاني قالا : وأمّا التكليف والتأديب والبعثة والدعوة فانّها قد تكون دواعي للعبد ، إلى الفعل واختياره ، فيخلق الله الفعل عقيبها عادة وباعتبار ذلك الاختيار المترتب على الدواعي يصير الفعل طاعة إذا وافق ما دعاه الشرع إليه ومعصية إذا خالفه ويصير علامة للثواب والعقاب. (٢)
__________________
(١) شرح العقائد النسفية : ١١٧.
(٢) شرح المواقف : ٨ / ١٥٥.