والعقاب؟
وباختصار : إنّ واقعية الكسب إمّا واقعية خارجية موصوفة بالوجود فحينئذ يكون مخلوقاً لله سبحانه ، ولا يكون للعبد نصيب في الفعل ، أو لا تكون له تلك الواقعية بل يكون أمراً وهمياً ذهنياً ، فحينئذ لا يكون العبد مصدراً لشيء حتّى يثاب عليه أو يعاقب.
٢. كمال الدين بن همام (٨٦١٧٨٩ ه)
إنّ كمال الدين محمد بن همام الدين مؤلّف كتاب «المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة» (١) تخلّص من المأزق بالقول بتخصيص ما دلّ على حصر الخالقية بالله ، بعزم العبد وقصده ، فكلّ شيء مخلوق لله سبحانه وهو خالقه إلاّ عزم العبد على الطاعة والعصيان فالخالق هو العبد ، وإليك نصّه في ذلك المجال :
فإن قيل : لا شكّ انّه تعالى خلق للعبد قدرة على الأفعال ، ولذا يدرك تفرقة ضرورية بين الحركة المقدورة وغيرها.
قلنا : إنّ براهين وجوب استناد كلّ الحوادث ، إلى القدرة القديمة بالإيجاد ، إنّما تلجئ إلى القول بتعلّق القدرة بالفعل بلا تأثير ، لو لم تكن عمومات تحتمل التخصيص. فأمّا إذا وجد ما يوجب التخصيص فلا. لكن الأمر كذلك. وذلك المخصّص أمر عقلي ، هو أنّ إرادة العموم فيها يستلزم الجبر المحض ، المستلزم لضياع التكليف وبطلان الأمر والنهي.
ثمّ أوضح ذلك بقوله : لو عرّف الله تعالى العبد العاقل أفعالَ الخير والشر ، ثمّ خلق له قدرة أمكنه بها من الفعل والترك ، ثمّ كلّفه بالإتيان بالخير ووعده عليه.
__________________
(١) طبع في القاهرة مع شرح كمال الدين الشريف.