وتحقّقه ، فينتج أنّ العزم والجزم في وجوده وتحقّقه محتاج إلى الواجب ومعلول لوجوده.
نعم ، لو كان صاحب المسايرة وأساتذته وتلامذته ممّن يفرقون بين الخلقين : خلق على وجه الاستقلال وخلق على النحو التبعي لما صعب عليهم المقام.
٣. ابن الخطيب «قدرة الله مانعة عن قدرة العبد»
إنّ لسان الدين ابن الخطيب يرى أنّ الكسب فعل يخلقه الله في العبد ، كما يخلق القدرة والإرادة والعلم فيضاف الفعل إلى الله خلقاً لأنّه خالقه ، وإلى العبد كسباً لأنّه محله الذي قام به ـ إلى أن قال : ـ إنّ الطاعة والمعصية للعبد من حيث الكسب ، ولا طاعة ولا معصية من حيث الخلق ، والخلق لا يصحّ أن يضاف إلى العبد ، لأنّه إيجاد من عدم والفعل موجود بالقدرة القديمة لعموم تعلّق القدرة الحادثة بها.
فالقدرة الحادثة تتعلق ولا تؤثّر وهي ـ القدرة الحادثة ـ تصلح للتأثير لو لا المانع وهو وجود القدرة القديمة ، لأنّهما إذا تواردتا لم يكن للقدرة الحادثة تأثير. (١)
وحاصل هذه النظرية : أنّ لقدرة العبد شأناً في التأثير لو لا المانع ، ولكن وجود القدرة القديمة مانع عن تأثير قدرة العبد الحادثة ، ولو لا سبق القدرة القديمة لكان المجال للقدرة الحادثة مفتوحاً.
يلاحظ عليه :
أوّلا : إذا كان دور الإنسان في مجال أفعاله دور الظرف والمحل ، فلا معنى
__________________
(١) القضاء والقدر : ١٨٧ نقلاً عن كتاب الفلسفة والأخلاق ، للسان الدين ابن الخطيب : ٥٥. ولا يخفى ما في كلامه من أنّ الكسب فعل يخلقه الله في العبد ، إذ على هذا لم يبق أي دور للعبد.