٢. أحمد بن تيمية (٦٦٢ ـ ٧٢٨ ه) يعترف بتأثر قدرة العبد
إنّ أحمد بن تيمية من دعاة السلفية في القرن الثامن ، وهو الذي أحيا مذهب السلف ، بعد اندراسه ، ودعا إليه بحماس وخالف الرأي العام في مسائل عديدة في العقائد والفقه ، وأخذ برأي أهل الحديث في عامّة الموارد ، حتّى في إجلاسه سبحانه فوق عرشه ، ووصفه بأنّ له أطيطاً كأطيط الرحل ، إلاّ أنّه خالفهم في تأثير العلل الطبيعية وقدرة العبد واستطاعته ، وأنّما عدل عن آرائهم في هذا الموضوع وأخذ برأي العدلية من الإمامية والمعتزلة لأجل قوة البراهين التي أقامها العلاّمة الحلي رداً على قول الأشاعرة بأنّه لا دور للعبد في أفعاله ، وذلك لأنّ مقالة مثل هذه تستلزم أشياء شنيعة.
فلم يجد ابن تيمية محيصاً إلاّ العدول عن رأي أهل الحديث والانسلاك في صفوف العدلية ، وممّا يقضى به العجب انّه نسب مختاره إلى جمهور أهل السنّة المثبتين للقدر ، وكأنّ الإمام أحمد أو الإمام الأشعري ليسا من أئمة أهل السنّة.
وعلى كلّ تقدير ، فهذا نصّ كلامه :
إنّ جمهور أهل السنّة المثبتين للقدر ، لا يقولون بما ذكره ، بل جمهورهم يقولون بأنّ العبد فاعل حقيقة ، وأنّ له قدرة حقيقية واستطاعة حقيقية ، وهم لا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية بل يقرّون بما دلّ عليه العقل من أنّ الله تعالى يخلق السحاب بالرياح ، ويُنزّل الماء بالسحاب ويُنبِت النباتَ بالماء ، ولا يقولون بأنّ قوى الطبائع الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها ، بل يقرون أنّ لها تأثيراً لفظاً ومعنى.
ولكن هذا القول الذي حكاه هو (العلاّمة الحلّي) قول بعض المثبتة للقدر كالأشعري ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ، حيث لا