يثبتون في المخلوقات قوى الطبائع ويقولون : إنّ الله فعل عندها لا بها ، ويقولون : إنّ قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل ، وأبلغ من ذلك قول الأشعري بأنّ الله فاعل فعل العبد ، وأنّ عمل العبد ليس فعلاً للعبد ، بل كسب له ، وإنّما هو فعل الله ، وجمهور الناس من أهل السنّة من جميع الطوائف على خلاف ذلك ، وأنّ العبد فاعل لفعله حقيقة. (١)
أقول : إنّ الإمام في العقائد لدى أهل السنّة ، هو الإمام أحمد ، وبعده الإمام الأشعري ، والمفروض أنّهم لا يقولون بتأثير قدرة العبد في فعله ، ومعه : كيف يمكن أن ينسب إلى أهل السنّة غيره؟!
والحقّ أنّ ابن تيمية من رماة القول على عواهنه فيقضي ويبرم وينقض من دون أن يصدر من مصدر صحيح.
والعجب انّه ينسب إلى أهل السنّة بأنّهم لا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية!!
كيف يقول ذلك والأزهر والأزهريون يردّدون في ألسنتهم قول القائل :
ومن يقل بالطبع أو بالعلة |
|
فذاك كفر عند أهل الملة |
٣. نظرية الشعراني (٩٧٣٩١١ ه) وتأثير قدرة العبد في فعله
إنّ الشيخ الشعراني مؤلف كتاب «اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر» من أقطاب الحديث والكلام والتصوف ، فقد أدرك بصفاء ذهنه انّ الاعتقاد بالكسب لا يتفارق الجبر قدر شعرة ، فحاول أن يعالج المسألة من طريق
__________________
(١) منهاج السنة : ١ / ٢٦٦.