٥. الزرقاني والجمع بين النصوص
إنّ الشيخ محمد بن عبد العظيم الزرقاني مؤلّف كتاب «مناهل العرفان في علوم القرآن» أحد المحقّقين في العلوم القرآنية ، وكتابه هذا ، يدلّ على سعة باعه واطّلاعه ونزاهة قلمه ودماثة خلقه مع المخالفين ، فقد طرح في كتابه مسألة خلق الأفعال وقال : ولنعلم أنّ المتخالفين في ذلك ما زالوا مع خلافهم ، إخواناً مسلمين ، تظلّهم راية القرآن ويضمّهم لواء الإسلام.
في القرآن الكريم والسنّة النبوية نصوص كثيرة على أنّ الله تعالى خالق كلّ شيء ، وانّ مرجع كلّ شيء إليه وحده ، وانّ هداية الخلق وضلالهم بيده سبحانه ، ثمّ ذكر شيئاً من الآيات والروايات الواردة في هذا الصدد.
ثمّ قال : بجانب هذا توجد نصوص كثيرة أيضاً من الكتاب والسنّة ، تنسب أعمال العباد إليهم وتعلن رضوان الله وحبّه للمحسنين فيها ، كما تعلن غضبه وبغضه للمسيئين ، ثمّ ذكر قسماً من الآيات والروايات الدالّة على ذلك ، ثمّ خرج بالنتيجة التالية :
إنّ أهل السنّة بهرتهم النصوص الأُولى فقالوا : إنّ العبد لا يخلق أفعالَ نفسه الاختيارية وإنّما هي خلق الله وحده. وإذا قيل لهم : كيف يثاب المرء أو يعاقب على عمل لم يوجده هو؟ وكيف يتّفق هذا وما هو مقرر من عدالة الله وحكمته في تكليف خلقه؟ قالوا : إنّ العباد ـ وإن لم يكونوا خالقين لأعمالهم ـ كاسبون لها. وهذا الكسب هو مناط التكليف ومدار الثواب والعقاب ، وبه يتحقّق عدل الله وحكمته فيما شرع للمكلّفين.
وهكذا حملوا النصوص الأُولى على الخلق وحملوا الثانية على