٢
تقسيم الحكمة إلى نظريّة وعمليّة
تنقسم الحكمة ، لدى الحكماء منذ عهد مبكِّر إلى حكمة نظرية وحكمة عملية ، فلو تعلّق الإدراك بما من شأنه أن يُعلم ، كانقسام الموجود إلى واجب وممكن ، فهو حكمة نظريّة ولو تعلّق بما من شأنه أن يعمل كقولنا : العمل بالميثاق حسن ونقضه قبيح فهو حكمة عملية فالحكمتان : النظرية والعملية كلاهما من أقسام الإدراك وإنّما الاختلاف في المتعلَّق.
وهذا هو المعنى المعروف عند الفلاسفة والمتكلّمين وهو الظاهر من عبارة الفارابي حيث قال : النظرية هي التي بها يحوز الإنسان علم ما من شأنه أن يعلمه إنسان ، والعملية هي التي يعرف ما من شأنه أن يعمله الإنسان بإرادته. (١)
والعقل المدرِك للحكمة الأُولى عقل نظري والمدرِك للثانية منهما عقل عمليّ وليس معناه انّ هنا عقلين مختلفين جوهراً بل عقل واحد يوصف تارة بالنظري وأُخرى بالعملي باعتبار اختلاف متعلقه.
وهنا مصطلح آخر للعقل العملي ، يجعله في عداد القوى العاملة التي هي مبدأ محرّك لبدن الإنسان إلى الأفاعيل الجزئيّة (٢) ، أعرضنا عن ذكره تفصيلاً روماً للاختصار.
__________________
(١) شرح منظومة السبزواري : ٣١٠.
(٢) النجاة لابن سينا : ١٦٤ ، ط مصر ، وص ٢٠٢ ط بيروت.