لم يمتحنّا بما تعيا العقولُ به |
|
حرصاً علينا فلم نرتب ولم نهمِ(١) |
٦. الشيخ شلتوت (١٣٨٣١٣١٠ ه) العبد فاعل بإرادته وقدرته
إنّ الشيخ شلتوت أحد المجتهدين الأحرار في القرن الماضي لا تأخذه في الله لومة لائم ، فإذا شاهد الحق أجهر به ، ولا يطلب رضى أحد ، ولا يخاف غضب آخر ، فهو ممّن اعترف بحرية الإنسان في مجال العمل ، قال :
وقد تناول علماء الكلام في القديم والحديث هذه المسألة ، وعُرِفت عندهم بمسألة الهدى والضلال ، أو بمسألة الجبر والاختيار ، أو بمسألة خلق الأفعال ، وكان لهم فيها آراء فرّقوا بها كلمة المسلمين ، وزلزلوا بها عقائد الموحدين العاملين ، وصرفوا الناس بنقاشهم في المذاهب والآراء عن العمل الذي طلبه الله من عباده ، وأخذوا يتقاذفون فيما بينهم بالإلحاد والزندقة ، والتكفير والتفسيق ، وما كان الله ـ وآياته بينات واضحات ـ ليقيم لهم وزناً فيما وقفوا عنده ، وداروا حوله ، ودفعوا الناس إليه.
ثمّ إنّ ذلك العيلم بعد ما ذكر آراء السلف المختلفة قال :
والذي نراه كما قلنا أنّ للعبد قدرة وإرادة ولم يخلقهما الله فيه عبثاً ، بل خلقهما ليكونا مناط التكليف ومناط الجزاء وأساس نسبة الأفعال إلى العبد نسبة حقيقية ، والله يترك عبده وما يختار لنفسه ، فإن اختار الخير تركه فيه
__________________
(١) مناهل العرفان في علوم القرآن : ١ / ٥٠٦ ـ ٥١١ ، والشعر جزء من قصيدة البوصيري في مدح النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.