مسبق حتّى يقف على حقائق تلك الأُصول.
وبما انّه قد استوفينا الكلام في هذه الأُصول في عدة من مؤلّفاتنا فلا نجد حاجة إلى تكرارها ، ومن أراد فليرجع إلى الصفحة أدناه. (١)
الأمر الخامس تغيير عنوان المسألة في كتب المتأخّرين
إنّ العنوان الرائج في كتب القدماء هو خلق الأعمال والأفعال ولكن العنوان الموجود بين المتأخرين غير ذلك فهم يعبرون عن المسألة بالعنوان التالي :
إنّ الله قادر على كلّ المقدورات أو انّ أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله سبحانه وتعالى وحده. (٢)
ولعل التعبير الثاني أفضل ، وذلك لأنّ مادة الخلق لا تنسب إلى الفعل في لغة العرب ، فلا تجد في الكتاب والسنّة ولا عند شعراء العصر الجاهلي من ينسب الخلق إلى الفعل ويقول خلق الأكل أو الشرب.
نعم ورد في القرآن الكريم قول إبراهيم : (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (٣) فقد نسب الخلق إلى الإفك الذي هو يعدّ فعلاً للإنسان.
ولكن الإمعان في الآية يفسر لنا وجه هذه النسبة ، فانّ الإفك كناية عن الاعتقاد بكون الأصنام إلهاً يُعبد ، فقد صار هذا سبباً لنسبة الخلق إلى الفعل المتجسّم في ضمن «الأوثان» التي يتعلّق بها «الخلق».
__________________
(١) انظر ١. الإلهيات في أربعة أجزاء : الجزء الأوّل والثاني ؛ ٢. مفاهيم القرآن في عشرة أجزاء ، الجزء الأوّل ؛ ٣. الملل والنحل ، الجزء الأوّل والثالث ؛ ٤. مع الشيعة الإمامية في تاريخهم وعقائدهم.
(٢) لاحظ شرح المواقف : ٨ / ١٤٥.
(٣) العنكبوت : ١٧.