٢
في حقيقة الإرادة الإنسانية
إنّ الإرادة والكراهة كيفيّتان نفسانيّتان كسائر الكيفيّات النفسانية ، يجدهما الإنسان بذاتهما بلا توسط شيء مثل اللّذة والألم وغيرهما من الأُمور الوجدانية. والمقصود في المقام تحليل ذلك الأمر الوجداني وصياغته في قالب علمي ، وقد اختلفت أنظارهم في واقع الإرادة في الإنسان فضلاً عن الله سبحانه. وإليك الآراء المطروحة في الإرادة الإنسانية
١. نظرية المعتزلة : الاعتقاد بالنفع
فسّرت المعتزلة الإرادة ب «اعتقاد النفع» والكراهة ب «اعتقاد الضرر» قائلين بأنّ نسبة القدرة إلى طرفي الفعل والترك متساوية ، فإذا حصل في النفس الاعتقاد بالنفع في أحد الطرفين ، يرجَّح بسببه ذلك الطرف ويصير الفاعل مؤثراً فيه. (١)
يلاحظ عليه : أنّ مجرّد الاعتقاد بالنفع لا يكون مبدأ وباعثاً نحو المراد ، إذ كثيراً ما يعتقد الإنسان بوجود النفع في كثير من الأفعال ولا يريدها ، وربّما لا
__________________
(١) الأسفار : ٦ / ٣٣٧.