هي الخروج من القوّة إلى الفعل ، ومن التصوّر إلى التصديق بالفائدة ومنه إلى الشوق ومنه إلى القصد والعزم ، وهذا المعنى مهما جرّد من النقص لا يصلح لأن يوصف به الواجب.
ثمّ إنّ هذين الأمرين صارا سبباً لذهاب جمع إلى أنّه من صفات الذات أخذاً بالأمر الأوّل وذهاب جمع آخر إلى أنّها من صفات الفعل ، منهم السيد الطباطبائي ـ قدسسره ـ فقال في تعاليقه على «الأسفار» ما هذا لفظه :
١. الإرادة صفة منتزعة من حضور العلّة التامّة للفعل
لو كان بين كيفيّاتنا النفسانية ، كيفيّة متميّزة متخلّلة بين العلم الجازم والفعل ، باسم الإرادة فهو القصد ، وهو ميل نفساني نحو الفعل ، نظير ميل الجسم الطبيعي من مكان إلى مكان وليس من الشوق أو الشوق المؤكّد في شيء ، كما سيجيء ، وليس هو العلم وإن كانت الصفات والأحوال النفسانيّة كالحبّ والبغض والرضا والسخط والحزن والسرور وغيرها ، علميّة شعورية ، لأنّ الإرادة لو كانت أمراً متميّزاً في نفسها فهي متخلّلة بين العلم والفعل فليست فينا علماً.
ومن هنا يظهر أنّا لو جرّدناها من شوائب النقص وأجرينا وصفها عليه تعالى لم ينطبق على علمه تعالى ، لأنّ مفهومها غير مفهوم العلم ولا ينفع التجريد مع تغاير المفهومين ، بخلاف تجريد معنى العلم مثلاً ، فإنّه وإن تبدّلت خصوصيّاته وحدوده بالتجريد حتّى عاد وجوداً واجبياً منفياً عنه جميع خصائص الكيفية النفسانية الخاصة لكن معناه الأصلي وهو حضور شيء لشيء محفوظ باق بعد التجريد وعند الإجراء على ما كان عليه قبل.