وبالجملة تصوّر خلوّ الذات عن واقع الإرادة يلزم أن يكون سبحانه فاعلاً غير مريد ولا مختار ، وهذا نقص في الفاعل تعالى عنه سبحانه. وسيوافيك ما هو الحقّ في معنى الإرادة الذاتية في الله سبحانه.
٢. الإرادة إعمال القدرة
إنّ المحقّق الخوئي بعد ما طرح تفسير الإرادة بالعلم والابتهاج والرضا ونقدهما بما مرّ ذكره ، حاول أن يفسّر الإرادة الإلهية بإعمال القدرة ، فقال : إنّ الإرادة لا تخلو من أن تكون بمعنى إعمال القدرة ، أو بمعنى الشوق الأكيد ولا ثالث لهما ، وحيث إنّ الإرادة بالمعنى الثاني لا تعقل لذاته سبحانه ، يتعيّن الإرادة بالمعنى الأوّل له سبحانه وهو المشيئة وإعمال القدرة. (١)
وقال في موضع آخر : إنّ أفعال العباد لا تقع تحت إرادته سبحانه وتعالى ومشيئته.
والوجه ما تقدّم بشكل مفصّل ، من أنّ إرادته تعالى ، ليست من الصفات العليا الذاتية ، بل هي من الصفات الفعلية التي هي عبارة عن المشيئة وإعمال القدرة. (٢)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ تفسير الإرادة بإعمال القدرة يرجع إلى كونها من صفات الفعل ، ومعنى ذلك خلوّ الذات عن ذلك الكمال الوجودي وهو يستلزم تصوّر الأكمل والأفضل من الواجب.
وثانياً : أنّ القول بأنّ أفعال العباد خارجة من متعلّق الإرادة الإلهية مخالف
__________________
(١) المحاضرات : ٢ / ٣٧.
(٢) المحاضرات : ٢ / ٧٢.