الف : إرادته غير علمه وقدرته
قد ناظر الإمام علي بن موسى الرضا ـ عليهالسلام ـ أحد المتكلّمين في خراسان ـ أعني : سليمان المروزي ـ والمناظرة مبسَّطة نقتصر على ما له صلة بالمقام :
قال سليمان : إنّ إرادته علمه.
قال الرضا ـ عليهالسلام ـ : «... وعلى هذا فإذا علم الشيء فقد أراده».
قال سليمان : أجل.
قال الرضا ـ عليهالسلام ـ : «فإذا لم يرده ، لم يعلمه».
قال سليمان : أجل.
قال الرضا ـ عليهالسلام ـ : «من أين قلنا ذلك وما الدليل على أنّ إرادته علمه ، وقد يعلم ما لا يريده أبداً؟
ذلك قول الله عزّ وجلّ : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (١) ، فهو يعلم كيف يذهب ولا يذهب به أبداً».
قال سليمان : إنّه سبحانه قد فرغ من الأمر ، فليس يزيد فيه شيئاً.
قال الرضا ـ عليهالسلام ـ : «هذا قول اليهود ، فكيف قال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)». (٢)
قال سليمان : إنّما عنى بذلك أنّه قادر عليه.
قال الرضا ـ عليهالسلام ـ : «أفيعد ما لا يفي به؟ فكيف قال : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) (٣) وقال عزّ وجلّ : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٤) وقد
__________________
(١) الإسراء : ٨٦.
(٢) المؤمن : ٦٠.
(٣) فاطر : ١.
(٤) الرعد : ٣٩.