ولا يتفكّر ، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق ، فإرادة الله ، الفعل ، لا غير ذلك ، يقول له : كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكّر ولا كيف لذلك ، كما أنّه لا كيف له». (١)
٣. روى محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «المشيئة محدثة». (٢)
تحليل الروايات الماضية
لا يشكّ ذو مسكة في أنّ الروايات ظاهرة في كون الإرادة من صفات الفعل دون صفات الذات ، لما يترتّب على القول الثاني من قدم العالم وغيره ، ولما كان القول بكونها من صفات الفعل مخالفاً للأصل المبرهن في الفلسفة الإسلامية من أنّ الإرادة وصف كمال للموجود بما هو موجود ، حاول صدر المتألّهين تفسير الروايات بنحو يوافق أُصوله فقال :
«والتحقيق انّ الإرادة تطلق بالاشتراك الصناعي على معنيين :
أحدهما : ما يفهمه الجمهور وهو ضد الكراهة ، وهي التي تحصل فينا عقيب تصوّر الشيء الملائم ، وعقيب التردّد حتّى يترجح عندنا الأمر ، الداعي إلى الفعل أو الترك فيصدر أحدُهما منّا ، وهذا المعنى فينا من الصفات النفسانية ، وهي والكراهة فينا كالشهوة والغضب فينا وفي الحيوان ، ولا يجوز على الله ، بل إرادته نفس صدور الأفعال منه من جهة علمه بوجه الخير ، وكراهته عدم صدور الفعل القبيح عنه لعلمه بقبحه.
وثانيهما : كون ذاته بحيث يصدر عنه الأشياء لأجل علمه بنظام الخير فيها التابع لعلمه بذاته ، لا كاتّباع الضوء للمضيء والسخونة للمسخِّن ، ولا كفعل
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٠٩ ، باب الإرادة من صفات الفعل ، الحديث ٣ و ٧.
(٢) الكافي : ١ / ١٠٩ ، باب الإرادة من صفات الفعل ، الحديث ٣ و ٧.