قبيح» ، فلا يدفع هذا الاحتمال إلاّ بثبوت حسن الصدق وقبح الكذب قبل كلّ شيء بفضل العقل فما لم يثبت هذا الأصل بدليل العقل وحكمه لما حصل اليقين بصدق الأحكام الصادرة عن الشارع.
وحصيلة الكلام ، أنّه ما لم يثبت حسن الصدق وقبح الكذب عن طريق العقل لا يثبت حسن أيِّ فعل أو قبحه بحكم الشرع ، لأنّه من المحتمل أن يأمر بما هو المنكر عنده أو ينهى عمّا هو المعروف عنده ولو أخبر عن طريق أنبيائه وسفرائه انّه إنّما يأمر بالعدل والإحسان ، وينهى عن الفحشاء والمنكر ، فلا يحصل اليقين بصدق كلامه وأخباره ، لمكان احتمال الكذب في كلامه هذا ، ولا يُنفى هذا الاحتمال إلاّ إذا ثبت عن غير طريق الشرع حسن الأوّل وقبح الثاني وانّه سبحانه فاعل مختار حكيم ، مثله لا يكذب ، ولا يعبث بكلامه.
ولو تدبّر نفاة القول بالتحسين والتقبيح العقليّين في هذا الدليل لرجعوا عن إنكارهم إلى الصراط المستقيم.
الثالث : إنكارهما يلازم امتناع إثبات الشرائع السماوية
من ادّعى السفارة من الله سبحانه وكونه نبيّاً مبعوثاً عنه ، لا يمكن لنا تصديقه إلاّ في ظل القول بالحسن والقبح العقليّين ، لأنّ الدليل الوحيد أو المؤثر على عامة الطبقات ، كونه مبعوثاً بالمعاجز والبيّنات ، فيستدلُّ بها على أنّه كان مبعوثاً من الله سبحانه لهداية الناس ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر انّ المعاجز لا تفيد اليقين بأنّه مبعوث من الله سبحانه إلاّ إذا ثبت أصل في باب النبوة وهو :
انّه سبحانه لا يزوِّد الكاذب بقدرة خارقة ليضلّ الناس عن طريقه لأنّه أمر