رابعاً : انّ إرسال الرسل وإنزال الكتب من مظاهر الإرادة التكوينية ، حيث إنّها عبارة عن ابتهاج الواجب ذاته بذاته وابتهاجه بأفعاله وما يدخل في دار الوجود ، بالعرض ، ومن أفعاله إرسال الرسل وإنزال الكتب ومعه كيف عدّهما من مظاهر الإرادة التشريعية؟!
الثالثة : نظرية العلاّمة الطباطبائي
وحاصل النظرية عبارة عمّا ذكرناه في نقد نظرية المحقّق الأصفهاني من أنّه لا فرق بين الإرادة التكوينية والتشريعية في أنّ كليهما يتعلّقان بفعل المريد ، غاية الأمر إن تعلّقت بفعل المريد غير البعث والزجر فهي إرادة تكوينية ، وإن تعلّقت ببعث الغير وزجره عن الشيء فهي إرادة تشريعية ، فمتعلّق الإرادتين في الحقيقة فعل المريد ؛ غاية الأمر انّ المتعلّق إن كان الفعل الخارجي فهو إرادة تكوينية ، وإن تعلّقت بإنشاء البعث والزجر الذي هو أيضاً فعل المريد فالإرادة تشريعية.
قال ـ قدسسره ـ معلّقاً على قول صاحب الكفاية «المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك» ما هذا لفظه : إنّ الإرادة في استتباعها لأمر العبيد من قبيل إرادة الفعل بالمباشرة ، وأمّا بالنسبة إلى إرادة فعل العبد مثلاً فلا إرادة في النفس تتعلّق بفعل الغير ، بل إنّما هي إرادة إنشائية وتسميتها إرادة متعلّقة بفعل الغير مجاز أو مسامحة ، لمكان التلبّس الواقع بين الأمر والمأمور به.
وبه يتبيّن انّ القول بتعلّق الإرادة بفعل المأمور به مسامحة أو خطأ واضح تابع من الاتّحاد المتوهّم بين الأمر والمأمور به ، وذلك انّ الإرادة حيثية حقيقية