جسماني ولا في جهة ، والرؤية فرع كون الشيء في جهة خاصة ، وما شأنه هذا لا يتعلّق إلاّ بالمحسوس لا المجرد.
المحاولة اليائسة في تجويز الرؤية
إنّ مفكّري الأشاعرة الذين لهم قدم راسخة في المسائل العقلية لمّا وقفوا أمام هذا الدليل ذهبوا يميناً ويساراً للجمع بين الرؤية والتنزيه ، وإليك بيان ذلك :
١. الرؤية بلا كيف
هذا العنوان هو الذي يجده القارئ في كتب الأشاعرة وربّما يعبر عنه خصومهم ب «البلكفة» ومعناه انّ الله تعالى يُرى بلا كيف وانّ المؤمنين في الجنة يرونه بلا كيف ، أي منزّهاً عن المقابلة والجهة والمكان.
يلاحظ عليه : أنّ تمنّي الرؤية بلا مقابلة ولا جهة ولا مكان ، أشبه برسم أسد بلا رأس ولا ذنب على جسم بطل ، فالرؤية التي لا يكون المرئي فيها مقابلاً للرائي ولا متحقّقاً في مكان ولا متحيزاً في جهة كيف تكون رؤية بالعيون والأبصار؟!
والحقّ انّ قول الأشاعرة كأهل الحديث «بلا كيف» مهزلة لا يعتمد عليها ، فانّ الكيفية ربما تكون من مقوّمات الشيء ولولاها لما كان له أثر ، فمثلاً يقولون : إنّ لله يداً ورجلاً وعيناً وسمعاً بلا كيف ، ويصرحون بثبوت واقعيات هذه الصفات حسب معانيها اللغوية لله سبحانه لكن بلا كيفية.
وهذا كما ترى فأنّ اليد في اللغة العربية وضعت للجارحة حسب ما لها من الكيفية ، فإثبات اليد لله بالمعنى اللغوي مع حذف الكيفية ، يكون مساوياً لنفي معناها اللغوي ويكون راجعاً إلى تفسيرها بالمعاني المجازية التي يفرون منها فرار المزكوم من المسك ، ومثله القدم والوجه.