الآية الثالثة : ردّ السؤال بنفي الرؤية مؤبّداً
قال سبحانه : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ). (١)
لا شكّ إنّنا إذا عرضنا الآية على عربي صميم لم يتأثّر ذهنه بالمناقشات الكلامية الدائرة بين النفاة والمثبتين وطلبنا منه أن يبيّن الإطار العام للآية ومفادها ومنحاها وانّها بصدد بيان امتناع الرؤية أو جوازها ، يجيب بصفاء ذهنه بأنّ الإطار العام لها هو تعاليه سبحانه عن الرؤية وانّ سؤاله أمر عظيم فظيع لا يمحى أثره إلاّ بالتوبة ، ففهم ذلك العربي حجة علينا لا يجوز لنا العدول عنها ، والقرآن نزل بلسان عربي مبين ولم ينزل بلسان المتكلّمين أو المجادلين.
كما أنّا إذا أردنا أن نفسر مفاد الآية تفسيراً صناعياً ، فلا شكّ أنّه يدلّ أيضاً على تعاليه عنها وذلك بوجوه :
١. الإجابة بالنفي المؤبّد
لمّا سأل موسى رؤية الله تبارك وتعالى أُجيب ب (لَنْ تَرانِي) والمتبادر من هذه الجملة أي قوله (لَنْ تَرانِي) هو النفي الأبدي الدالّ على عدم تحقّقها أبداً.
__________________
(١) الأعراف : ١٤٣.