٨
رؤيته تعالى في الأحاديث النبوية
قد تعرّفت على موقف الكتاب من رؤيته سبحانه وأنّه كلّما يذكر الرؤية وسؤالها وطلبها ، يستعظمه ويستفظعه إجمالاً ، وعند ما يطرحها تفصيلاً ، يعدّها أمراً محالاً ، كما عرفت أنّ ما تمسك به القائلون بجواز الرؤية من الآيات لا يدلّ على ما يدّعون.
بقي الكلام في الروايات الواردة حول الرؤية في الصحاح والمسانيد ، ودلالتها على المطلوب واضحة كما ستوافيك ، لكن الكلام في حجية الروايات التي تضاد الذكر الحكيم ، وتباينه ، فإذا كان الكتاب العزيز مهيمناً على سائر الكتب فلما ذا لا يكون مهيمناً على السنن المروية عن الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ التي دوّنت بعد مضي ١٤٣ سنة من رحيله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولم تَصُن عن دسّ الأحبار والرهبان؟! قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) (١) وقال تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢) ولا يعني ذلك ، حذف السنّة من الشريعة ورفع شعار : حسبنا كتاب الله ، بل يعني التأكد من
__________________
(١) المائدة : ٤٨.
(٢) النمل : ٧٦.